من أن الأنظمة الأوروبية تقوم على الفصل بين الكنيسة والدولة وقد تأثروا بهذه الدراسة حتى ليحسبون أن ما تعلموه ينطبق على كل بلد. ويسري على كل نظام. ولو عقلوا لعلموا أن الأنظمة الوضعية والثقافة الأوروبية لا تصلح حجة في هذه المسألة، وإنما الحجة التي لا تدحض هي النظام الإسلامي نفسه. فإذا كان هذا النظام يفرق بين الدين والدنيا ويمزج بين العبادة والقيادة، ويحتضن المسجد والدولة، فادعاؤهم باطل، أو افتراء واختلاق.
...
جمعني مجلس منذ سنوات مع بعض الشبان الذين أتموا دراستهم القانونية في مصر، وتناول الحديث الإسلام والشريعة والإسلام والحكم فوجدتهم يعتقدون أن الإسلام لا علاقة له بشؤون الحكم والدولة فأخذت أبين لهم وجه الخطأ في هذا الاعتقاد. وأخذت عليهم أنهم وهم رجال قانون يحكمون على الإسلام بأنه لا يجمع بين الدين والدولة بغير دليل من الإسلام، ولكن أحدهم قاطعني وقال:«ائتنا أنت بنص من القرآن، ومن القرآن وحده. يدل على أن الإسلام يجمع بين الدين والدولة». وفهمت ما يريد فقلت:«أما يرضيك نص من السُنَّةِ؟»، قال:«لا، إن القرآن هو دستور الإسلام». ونظرت زملاءه فرأيتهم مقرين. فعجبت لهؤلاء الفتيان الذين يؤمنون أشد الإيمان بالقرآن، وهم أجهل الناس بالقرآن، وحزنت على هؤلاء المسلمين الذين دفعهم جهلهم بالقرآن