للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقول البحتري: [من الوافر]

ألم تر للنّوائب كيف تسمو ... إلى أهل النّوافل والفضول «١»

مع قول المتنبي: [من البسيط]

أفاضل النّاس أغراض لذا الزّمن ... يخلو من الهمّ أخلاهم من الفطن «٢»

وقول المتنبي: [من الطويل]

تذلّل لها واخضع على القرب والنّوى ... فما عاشق من لا يذلّ ويخضع «٣»

مع قول بعض المحدثين: [من مجزوء الكامل]

كن إذا أحببت عبدا ... للّذي تهوى مطيعا

لن تنال الوصل حتّى ... تلزم النّفس الخضوعا «٤»

وقول مضرّس بن ربعيّ: [من الطويل]


(١) (الديوان ١/ ٣١) يمدح الفتح بن خاقان.
(٢) البيت في الديوان (١/ ٢١٣)، وفي شرح التبيان للعكبري (٢/ ٤٥٩)، والبيت من قصيدة يمدح فيها أبا عبد الله محمد بن عبد الله بن محمد الخطيب الخصيبي وهو يومئذ يتقلّد القضاء بأنطاكية. وهذا البيت هو مطلع هذه القصيدة. والأغراض: الأهداف والمفرد غرض، والفطن:
جمع فطنة وهي العقل والذكاء. والمعنى: يقول: الفضلاء من الناس أهداف للزمان يرميهم بنوائبه وصروفه ويقصدهم بالمحن فلا يزالون محزونين، وإنما يخلو من الحزن والفكر من كان خاليا من الفطنة والبصيرة وهذا من أحسن الكلام وهو من كلام الحكيم، قال الحكيم: على قدر الهم تكون الهموم وذلك أن العاقل يفكّر في عواقب الأمور فلا يزال مهموما وأمّا الجاهل فلا يفكر في شيء من هذا وقد أكثر الشعراء فيه، قال ذو الأصبع:
أطاف بنا ريب الزمان فداسنا ... له طائف بالصالحين بصير
وقال البحتري:
ألم تر للنوائب كيف تسمو ... إلى أهل النوافل والفضول
(٣) البيت في الديوان (١/ ٧٤)، وفي شرح التبيان للعكبري على ديوان المتنبي (١/ ٤٢٩).
والنوى: البعد. والمعنى: الزم الطاعة والانقياد في القرب والبعد وارض وسلم لفعلها فهذا من علامة الحب وقد أكثرت الشعراء من هذا المعنى فمنه قول أبي نواس:
سنة العشاق واحدة ... فإذا أحببت فاستكن
وقوله:
كن إذا أحببت عبدا ... للذي تهوى مطيعا
لن تنال الوصل حتى ... تلزم النفس الخضوعا
(٤) البيتان أوردهما العكبري في شرحه لديوان المتنبي. وفي التبيان (١/ ٤٢٩)، ونسبهما إلى أبي نواس.

<<  <   >  >>