للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لعمرك إنّي بالخليل الّذي له ... عليّ دلال واجب لمفجّع

وإنّي بالمولى الّذي ليس نافعي ... ولا ضائري فقدانه لممتّع «١»

مع قول المتنبي: [من الطويل]

أما تغلط الأيّام فيّ بأن أرى ... بغيضا تنائي أو حبيبا تقرّب «٢»

وقول المتنبي: [من البسيط]

مظلومة القدّ في تشبيهه غصنا ... مظلومة الرّيق في تشبيهه ضربا «٣»

مع قوله: [من الطويل]

إذا نحن شبّهناك بالبدر طالعا ... بخسناك حظّا أنت أبهى وأجمل

ونظلم إن قسناك باللّيث في الوغى ... لأنّك أحمى للحريم وأبسل «٤»

[القسم الثاني في البيتين صنعة وتصويرا]

ذكر ما أنت ترى فيه في كلّ واحد من البيتين صنعة وتصويرا وأستاذيّة على الجملة فمن ذلك، وهو من النادر، قول لبيد: [من الرمل]


(١) ذكرهما العكبري في شرحه لديوان المتنبي ونسبهما إلى المضرّس وقال الشيخ شاكر: هكذا نسب الشعر لمضرّس بن ربعي وهو خطأ وسهو فيما أرجح إنما هو للبراء بن ربعي الفقعسيّ، يرثي أخاه سكيما، وهو في شرح الحماسة للتبريزي (٢/ ١٦٧، ١٦٨)، وفي مقطعات مراث لابن الأعرابي رقم (٤٣) اه.
(٢) البيت في الديوان (٢/ ٢٢٩)، وفي شرح التبيان على ديوان المتنبي (١/ ١٢٦)، وهو من قصيدة قالها يمدح فيها كافورا وكان قد حمل إليه ستمائة دينار، ومطلعها:
أغالب فيك الشوق والشوق أغلب ... وأعجب من ذا الهجر والوصل أعجب
أما تغلط الأيام فيّ بأن أرى ... بغيضا تنائي أو حبيبا تقرّب
وتنائي: تبعد، والنأى: البعد ونأى ينأى: بعد، والنأي: المفارقة وأنأيت الرجل: أبعدته، المعنى:
يقول هذه الأيّام مولعة بتقريب من أبغض وإبعاد من أحب، فما تغلط مرّة بتقريب الحبيب وإبعاد البغيض، وذلك كما قيل في بخيل:
يا عجبا من خالد كيف لا ... يغلط فينا مرّة بالصواب
(٣) البيت في الديوان (١/ ١٤١)، وفي التبيان للعكبري في شرح ديوان المتنبي (١/ ٨١)، وهو من قصيدة يمدح فيها المغيث بن عليّ بن بشر العجلي. والقدّ: القامة. والضّرب بفتح الراء: العسل الأبيض الغليظ. والمعنى: يريد أن من شبّهها بالغصن ظلمها ومن شبّه ريقها بالعسل ظلمها لأنها ذات قوام أعدل وأحسن من الغصن وذات رضاب أحلى من العسل الخالص.
(٤) لعلي بن الجهم يمدح المتوكل، الديوان (١٦٥/ ١٦٦). ورواية الديوان «للذمار» بدلا من «للحريم».

<<  <   >  >>