للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فجرنا ينابيع الكلام وبحره ... فأصبح فيه ذو الرّواية يسبح

وما الشّعر إلّا شعر قيس وخندف ... وشعر سواهم كلفة وتملّح «١»

وقال عقال بن هشام القينيّ يردّ عليه: [من الطويل]

ألا أبلغ الرّمّاح نقض مقالة ... بها خطل الرّمّاح أو كان يمزح

لئن كان في قيس وخندف ألسن ... طوال وشعر سائر ليس يقدح

لقد خرق الحيّ اليمانون قبلهم ... بحور الكلام تستقى وهي طفّح

وهم علّموا من بعدهم فتعلّموا ... وهم أعربوا هذا الكلام وأوضحوا

فللسّابقين الفضل لا يجحدونه ... وليس لمسبوق عليهم تبجّج «٢»

أبو تمام: [من الطويل]

كشفت قناع الشّعر عن حرّ وجهه ... وطيّرته عن وكره وهو واقع

بغرّ يراها من يراها بسمعه ... ويدنو إليها ذو الحجى وهو شاسع

يودّ ودادا أنّ أعضاء جسمه ... إذا أنشدت، شوقا إليها، مسامع «٣»


(١) البيتان في الأغاني (٢/ ٣٠٣) من أبيات قالها حينما غمزه عقال بن هاشم وصغّر من شأنه، وجاء البيت الثاني بلفظ: «قول» بدلا من «شعر». وخندف: اسم قبيلة سميت كذلك لأن خندف امرأة إلياس بن مضر بن نزار وهي ليلى بنت حلوان خندفت (هرولت) في أثر إبل إلياس التي خرجت ليلا، وقالت خندف لزوجها: ما زلت أخندف (أهرول) في أثركم. فقال: فأنت خندف فذهب اسما لها ولولدها نسبا وسميت بها القبيلة. اللسان (خندف). والتملّح: تكلّف الملاحة والظرف.
(٢) الأبيات في الأغاني (٢/ ٣٠٣) قالها عقال بن هاشم يجيب ابن ميادة، وسمّاه «الرّمّاح». وخطل خطلا فهو خاطل أي: أحمق سريع الطّعن. وسهم خطل: يعجل فيذهب يمينا وشمالا لا يقصد قصد الهدف فهو يريد أن يصفه بصفة الحمق والعجلة.
والقدح: العيب ومنها قدح في عرض أخيه: عابه. والمقصود: شعر غير معيب. والتبجّح:
الافتخار.
(٣) الأبيات في ديوانه (ص ٤٨٩)، من قصيدة له يصف قومه ويفتخر بهم مطلعها:
ألا صنع البين الذي هو صانع ... فإن تك مجزاعا فما البين جازع
وحرّ الوجه: ما أقبل عليك منه وقيل: الخدّ ومنه يقال: لطم حرّ وجهه، وقيل: حرّ الوجه: ما بدا من الوجنة. وجاء البيت الأول بلفظ «فكره» بدلا من «وكره». والضمير «هو» للشاعر في قوله قبل البيت:
فكم شاعر قد رامني فقذعته ... بشعري وهو خزيان ضارع
وقذعته: رميته بسوء القول وشتمته، والضارع: الذليل. وذو الحجى: صاحب العقل والفطنة والجمع أحجاء. والشاسع: البعيد.

<<  <   >  >>