للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال القاضي عياض: وعن أبي هريرة: «إذا دخل أحدكم المسجد فليصلّ على النبي صلى الله عليه وسلّم وليقل: اللهم افتح لي ... » «١».


- وإسناده ضعيف، فيه علتان:
الأولى: محمد بن إسماعيل لم يسمع من أبيه.
الثانية: رواية شريح بن عبيد عن أبي مالك الأشعري مرسلة.
قال المنذري في «مختصره على سنن أبي داود» (٨/ ٤): «في إسناده محمد بن إسماعيل وأبوه؛ وفيهما مقال».
وقال الحافظ في «نتائج الأفكار» (١/ ١٧٢): «هذا حديث غريب».
وقال بعد أن ذكر قول الإمام النووي في «الأذكار»: «لم يضعّفه أبو داود».
قال: «يريد: في السنن، وإلا فقد ضعّف راويه في أسئلة الآجري، فقال: محمد بن إسماعيل بن عياش، ليس بذاك، وسألت عنه عمرو بن عثمان؛ فدفعه. وقال أبو حاتم: لم يسمع من أبيه، فحملوه على أن حدّث عنه.
قلت:- القائل الحافظ ابن حجر- ولعلّه كانت له من أبيه إجازة، فأطلق فيها التحديث، أو تجوّز في إطلاق التحديث على الوجادة. وقد أخرج أبو داود بهذا الإسناد أربعة أحاديث يقول في كل منها: قال محمد بن عوف: وقرأته في أصل إسماعيل بن عياش، وإسماعيل وإن كان فيه مقال، لكن هذا من روايته من شامي، فتقبل عند الجمهور.
وفي السند علّة أخرى؛ قال أبو حاتم: رواية شريح بن عبيد عن أبي مالك الأشعري مرسلة.
وقد حكى الشيخ الخلاف في اسم أبي مالك؛ وبقي منه أنه قيل: عامر، وقيل: عبيد الله، بالإضافة، ومن سمّاه كعبا قال: ابن عاصم، وقال بعضهم: كعب بن كعب.
والتحقيق: أن أبا مالك الأشعري ثلاثة: الحارث بن الحارث، وكعب بن عاصم، وهذان مشهوران باسمهما، ولا اختلاف في كنيتهما، والثالث هو المختلف في اسمه، وأكثر ما يرد في الروايات بكنيته؛ وهو راوي هذا الحديث.
وقد أخرجه الطبراني في مسند الحارث بن الحارث؛ فوهم، فإنه غيره، والله أعلم» اه.
قلت: وكلام الحافظ هذا نفيس ومتين. يدل على سعة علمه وحفظه- رحمه الله-.
ومنه تعلم وهم من حسّن الحديث أو صحّحه.
وممن وقع في هذا الوهم؛ الشيخ عبد القادر الأرناءوط في تحقيقه على «الأذكار» للإمام النووي ص (٥٠) حيث حسن الحديث. وصحّح إسناده هو وشعيب الأرناءوط في «زاد المعاد» (٢/ ٢٨٢) - الرسالة-.
وقد أحسن القائمون على تحقيق «زاد المعاد» - ط. مؤسسة الريان- (٢/ ٢٩٩) فأشاروا إلى تضعيف الشيخ ناصر الدين الألباني للحديث بعزو ذلك إلى ضعيف سنن أبي داود. فالشيخ- رحمه الله- كان قد مال إلى تصحيح الحديث- كما في «الكلم الطيب» ص (٥٠) رقم (٦١) و «السلسلة الصحيحة» (٢٢٥) - الطبعة القديمة- و «صحيح الجامع» (٨٣٩). ولكنه تراجع عن هذا التصحيح وضعّف الحديث في «ضعيف سنن أبي داود» (١٠٩١) وحذفه من الطبعة الجديدة لكل من «صحيح الكلم الطيب» و «السلسلة الصحيحة» طبعة- مكتبة المعارف.
تنبيه: وهم المصنف- رحمه الله- هنا بقوله: «أنه يقال عند دخول المسجد ... ».
فالحديث وارد في دخول البيت كما بوّب له أبو داود والنووي وغيرهما، فليتنبّه لهذا. وقد نبّه على هذا الوهم العلامة الألباني في «السلسلة الصحيحة» (١/ ٣٩٥) - الطبعة القديمة- ط. المكتب الإسلامي.
(١) أخرجه النسائي في «الكبرى» - كتاب عمل اليوم والليلة- (٦/ ٢٧ - ٢٨/ ٩٩١٨ - ٩٩٢٠) وابن ماجه (٧٧٣) وابن خزيمة في «صحيحه» رقم (٤٥٢) والطبراني في «الدعاء» (٢/ ٩٩٤/ ٤٢٧) وابن السني في-

<<  <   >  >>