للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بريدة عن النبي صلى الله عليه وسلّم أنه قال: «القضاة ثلاثة: قاضيان في النار وقاض في الجنة؛ رجل قضى للناس على جهل فهو في النار، ورجل عرف الحق وقضى بخلافه فهو في النار، ورجل علم الحق فقضى به فهو في الجنة». فهذا الذي يجهل وإن لم يتعمد خلاف الحق فهو في النار، بخلاف المجتهد الذي قال فيه النبي صلى الله عليه وسلّم: «إذا اجتهد الحاكم فأصاب فله أجران وإذا اجتهد الحاكم فأخطأ فله أجر». فهذا جعل له أجرا مع خطئه، لأنه اجتهد فاتقى الله ما استطاع، بخلاف من قضى بما ليس له به علم وتكلم بدون الاجتهاد المسوّغ له الكلام؛ فإن هذا كما في الحديث عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلّم أنه قال: «من قال في القرآن برأيه فليتبوأ مقعده من النار» وفي رواية: «بغير علم» «١».

وفي حديث جندب عن النبي صلى الله عليه وسلّم: «من قال في القرآن برأيه فأصاب فقد أخطأ ومن أخطأ فليتبوأ مقعده من النار» «٢».

وفي الصحيحين عن عبد الله بن عمرو عن النبي صلى الله عليه وسلّم أنه قال: «إن الله لا يقبض العلم انتزاعا ينتزعه من الناس، ولكن يقبضه بقبض العلماء، فإذا لم يبق عالما؛ اتخذ الناس رءوسا جهالا فسئلوا؛ فأفتوا بغير علم فضلوا وأضلّوا» «٣» وفي رواية للبخاري: «فأفتوا برأيهم». وهذا بخلاف المجتهد الذي اتقى الله ما استطاع وابتغى طلب العلم بحسب الإمكان، وتكلم ابتغاء وجه الله، وعلم رجحان دليل على دليل، فقال بموجب


(١) أخرجه أحمد (١/ ٢٣٣، ٢٦٩، ٣٢٣، ٣٢٧) والترمذي (٢٩٥٠، ٢٩٥١) والنسائي في «الكبرى» (٥/ ٣١/ ٨٠٨٤ - ٨٠٨٥) وأبو يعلى في «مسنده» (٤/ ٤٥٨/ ٢٥٨٥) والطبراني في «المعجم الكبير» (١٢/ ٢٨/ ١٢٣٩٢) وابن بطة في «الإبانة» (٧٩٩، ٨٠٥).
من طرق: عن عبد الأعلى بن عامر، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس مرفوعا.
وقال الهيثمي في «المجمع» (١/ ١٦٣): «رواه أبو يعلى والطبراني في الكبير .. ورجال أبي يعلى رجال الصحيح»!! وصحّحه الحافظ ابن حجر في «المطالب العالية» (٧/ ٦٤٣/ ٣٣٤٨) - قرطبة-.
لكن الإسناد ضعيف؛ فيه عبد الأعلى بن عامر، ضعّفه أحمد وأبو زرعة وأبو حاتم والنسائي وابن معين وغيرهم. انظر «تهذيب التهذيب» (٢/ ٤٦٤).
والحديث ضعّفه العلامة أحمد شاكر في تحقيقه على «المسند» (٢٠٦٩) والعلامة الألباني في «المشكاة» (٢٣٤).
(٢) أخرجه ابن جرير الطبري في «تفسيره» (٨٠) وأبو داود (٣٦٥٢) والترمذي (٢٩٥٢) والنسائي في «الكبرى» (٥/ ٣١/ ٨٠٨٦) وأبو يعلى في «مسنده» (٣/ ٩٠/ ١٥٢٠) وفي «المفاريد» (٣٢) والطبراني في «المعجم الكبير» (٢/ ١٦٣/ ١٦٧٢) وابن عدي في «الكامل» (٣/ ١٢٨٨) وابن بطة في «الإبانة» (٧٩٨، ٨٠٦).
من طرق: عن سهيل بن أبي حزم، حدّثنا أبو عمران الجوني، عن جندب بن سمرة مرفوعا.
وقال الترمذي: «وقد تكلّم بعض أهل الحديث في سهيل بن أبي حزم».
قلت: سهيل بن أبي حزم القطعي؛ ضعفه أحمد والبخاري وأبو حاتم وغيرهم.
والحديث ضعّفه الألباني- رحمه الله- في «المشكاة» (٢٣٥).
(٣) أخرجه البخاري (١٠٠، ٧٠٣٧) ومسلم (٢٦٧٣). من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص.

<<  <   >  >>