للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فهذا بعض كلام العلماء في مثل هذه، وحكايات إجماعهم متناقضة، ومع هذا فلم يقل أحد: إن من لم يوجب الصلاة عليه فقد تنقّصه أو سبّه أو عاداه أو نحو ذلك، فإنهم كلهم قصدهم متابعته، كلّ بحسب اجتهاده رضي الله عنهم أجمعين.

وكذلك تنازعوا؛ هل تكره الصلاة عليه عند الذبح؟ فكره ذلك مالك وأحمد وغيرهما. قال القاضي عياض: وكره ابن حبيب ذكر النبيّ صلى الله عليه وسلّم عند الذبح، وكره سحنون الصلاة عليه عند التعجّب. قال: ولا يصلّى عليه إلا على طريق الاستحباب


- انظر «الهداية» (١/ ٢٤) و «الكافي» (١/ ١٤٢) و «شرح الزركشي على مختصر الخرقي» (٢/ ٦٣٤) و «المغني» لابن قدامة (١/ ٦٧٩ - ٥٨٠).
وذهب الشافعي إلى الوجوب أيضا كما في «الأم» (١/ ١٤٠).
وقال الآجري في «الشريعة» (٢/ ٢٤٢) - قرطبة-: «لو أن مصليا صلّى صلاة؛ فلم يصلّ على النبي صلى الله عليه وسلّم فيها في تشهده الأخير وجب عليه إعادة الصلاة».
ومن القائلين بالوجوب: ابن العربي المالكي كما في «أحكام القرآن» (٣/ ١٥٨٤) والصنعاني في «سبل السلام» (٢/ ٣١٩ - ٣٢٣) والحافظ ابن حجر العسقلاني في «بلوغ المرام» ونقل في «الفتح» (١١/ ١٦٩) عن البيهقي في «الخلافيات» بسند قوي عن الشعبي- وهو من كبار التابعين- قال: «من لم يصل على النبي صلى الله عليه وسلّم في التشهد فليعد صلاته».
وانظر «فتح الباري» (١١/ ١٥٧ - وما بعدها).
وذهب إلى وجوبها المحدث أحمد شاكر كما في «التعليقات الرضية على الروضة الندية» (١/ ٢٧٢) والمحدث الألباني في كتابه الماتع «صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلّم» ص ١٨١ - ١٨٢. والشيخ عبد الله البسام في «تيسير العلام شرح عمدة الأحكام» (١/ ٢٨٦).
ونسب الطحاوي في «مشكل الآثار» (٦/ ٢٢ - ٢٤) والقاضي عياض في «الشفا» (٢/ ١٤٢) وابن المنذر في «الأوسط» (٣/ ٢١٣ - ٢١٤) الشذوذ إلى من قال بوجوب ذلك!
قال الحافظ ابن كثير في «المسائل الفقهية التي انفرد بها الإمام الشافعي من دون إخوانه من الأئمة» ص ٨٤ - ٨٥. وذلك بواسطة حاشية الشيخ مشهور بن حسن على «جلاء الأفهام» ص ٤٧٥ - : «ومذهب وقد ادّعى بعضهم أن الشافعي- رحمه الله- تفرّد بهذا المذهب دون العلماء، ولا سلف له فيه.
وليس كما قالوا؛ بل قد روي هذا عن ابن مسعود، وجابر، وابن عمر، وأبي مجلز، والشعبي، والباقر، وغيرهم. وهو الذي اختاره الإمام أحمد بن حنبل في آخر أمره، وصار إليه. وذهب إليه ابن المواز من المالكية .. » وانظر «جلاء الأفهام» ص ٤٦٣ - وما بعدها.
وذهب النووي إلى أنها فرض كما في «المجموع» (٣/ ٤٤٧ - ٤٥٠) لكنه أغرب بالتفريق بين الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلّم وبين الصلاة على الآل. وقد تعقبه الصنعاني في «سبل السلام».
وممن ذهب إلى الاستحباب أو أنها سنة، ابن حزم كما في «المحلى» (٤/ ١٦٣)، وابن عبد البر في «التمهيد» (١٦/ ١٩١ - ١٩٦) وصديق حسن خان في «الروضة الندية» (١/ ٢٥١) - الحلاق- والشيخ العلامة محمد بن صالح العثيمين في «الشرح الممتع على زاد المستقنع» (٣/ ٤٢٥).
والراجح أنها واجبة؛ انظر «جلاء الأفهام» ص ٤٦٣ - وما بعدها. و «مجموع الفتاوى» (٢٠/ ٢٤٨) و «تفسير القرآن العظيم» للحفاظ ابن كثير (٣/ ٦٦٥) و «فتح الباري» (١١/ ١٥٧ - وما بعدها) و «صفة الصلاة» ص ١٨١ - ١٨٢.

<<  <   >  >>