فالجاسوسية تنشط، والسجون تنز بمن فيها، والجلادون يخترعون آلات النكال، ويهذبونها ويتناقشون حولها، فيغضب الناس ويصرخون قائلين:((عجباً!! ها هي ذي النازية، لا بأس .. عاصفة .. وتمر))، وينتظرون على أمل، ويطول بهم الانتظار، ولكنهم يتكتمون في أنفسهم الحقيقة المرة، وهي أن النازية هي البربرية، ولكنها البربرية العظمى التي تتوج وتتمثل سائر ما شهدت أوربا في أيامها من بربريات ... أجل هذه هي النازية، ولكنهم قبل أن يصبحوا ضحاياها، كانوا شركاء في جرمها، فهم قد ساعدوها قبل أن يعانوا من إجرامها، لقد غفروا لها، وأغمضوا أعينهم عن بوادرها، بل خلعوا عليها صفة الشرعية، لأنها حتى ذلك الوقت كانت تخوض في شعوب غير أوربية.
لقد زرع الأوربيون هذه النازية الشريرة، فهم مسؤولون عنها، وقد حان الوقت لكي يؤتي الزرع أكله، فينز ويقطر، قبل أن يطفح في تلك المياه الحمراء ما تحتويه دماميل الحضارة الغربية المسيحية ... )).
إن ضروب الانفصال والفساد، وصنوف الغدر والخيانة تتضاعف وتستشري كل يوم في أوربا، وبقدر ما يستخدمون العدالة وسيلة من وسائل الضغط والاضطهاد في المستعمرات فإن قيمتها تنحط في بلادهم نفسها، وكلما زوروا الانتخابات وزيفوها في المستعمرات تعودوا هم في أوربا طعم التزييف في الحياة المدنية، وكلما فرضوا ألوان القيود على ضمائر الشعوب المستعمرة فقدوا هم معنى احترام الضمير؛ إنهم يتمزقون أكثر مما تتمزق المستعمرات.
ولقد نشهد فيما بينهم صراعاً رهيباً حتى في المجال العلمي، وذلك عندما يقف (ليسنكو Lyssenko) ليحاول إنزال (ماندل Mandel) و (وست مان Wiestman) و (مورجان Morgan) عن عرش البيولوجيا. أنا لا أشك في أن العلم يجني فائدة ما من هذه المساجلات، ولكنها لم تقتصر على الكشف عن قوانين