للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

الهكتارات التي تملكها الدولة أو الملكيات الكبيرة لتوزيعها على الأسر البدوية بمعدل خمسة هكتارات لكل أسرة (١).

هذا الإصلاح الزراعي الذي تطبقه اليوم سورية، لا بد أن يؤدي إلى تغيير شامل في بناء المجتمع الإسلامي، وذلك واضح من الوجهة الاقتصادية.

أما الأثر الذي ينشأ من دخول الإنسان البدوي ميدان الحياة الاجتماعية، فهو أنه سيزيد دون شك من مقدار الطاقة الإنسانية للدولة، ويغير شروط الحياة النفسية بما يضيف إليها من خمائر بدوية، بل إنه سيؤدي إلى إخصاب فطرة الطبقة البورجوازية في دمشق- وهي فطرة واهنة- بما تحمله البداوة من فطرة عذراء.

ولا يغيبن عن نظرنا، ما لهذا العنصر المترحل من أهمية عددية، فإن تمثله في المجتمع لن يتم بمجرد اندماجه في البيئة الجديدة، اندماجاً يؤدي إلى تبدده وفنائه، بل عن طريق انتشاره في الكيان الاجتماعي السوري، انتشاراً يؤدي إلى تعديله وتنظيم استغلال طاقاته، فينتج عن ذلك إثراء في طابع الوطن الاجتماعي، يميزه عن بقية الأوطان العربية، التي لا نجد فيها تنوعاً بين الطبقات، ولا نلمح معالم مميزة لشخصيتها.

والواقع أننا نلاحظ في هذه البلاد جمعياً نوعاً موحداً من النقص: ألا وهو نقص التنوع، فهناك الباشا والسوقي، والمثقف والأمي، دون أن يكون بين الطرفين اتصال يرسم صورة مستمرة للكيان الاجتماعي، وهذا عكس ما يحدث في أوربا، حيث تتكاثف المواهب والقرائح المختلفة على ربط ثمرة العبقرية بعمل


(١) شرعت الثورة المصرية بعد ثلاث سنوات من كتابة هذه السطور في مواجهة هذه المشكلات بطريقة حاسمة، لكن هذا الإصلاح في سورية قد بدأ وقت كتابة السطور في عهد حسني الزعيم وشاء الله ألا يتم الإصلاح هناك إلا بعد قيام الجمهورية العربية المتحدة. ((المترجم)).

<<  <   >  >>