للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

اليد، بواسطة (شلالات) من القيم المتدرجة المتكاملة، فتوحد بذلك عمل العالم بعمل الراعي، مارة في طريقها بالطبيب والمهندس والفنان، والعامل المحترف والصانع والفلاح؛ فهذه الثروة التي يتألف منها المسلم الاجتماعي تنقصنا تماماً في العالم الإسلامي المعاصر.

وخذ مثلاً الوضع في الجزائر، فهناك يجلس الطبيب على القمة، دون أن يكون بينه وبين السائل المتكفف أي رباط انتقالي، هذا الفقر الاجتماعي يفسر لنا الفقر العقلي الذي أصيبت به طبقات القادة في تلك البلاد، لأن العبقرية ليست سوى فيضان لجهود غامضة، تتصاعد خلال سائر الطبقات الاجتماعية في مجتمع ما كيما تتفجر في قمته. وهنا يمكننا أن نرى تبادلاً حقا بين اليد والفكر فحيثما بطل عمل اليد سقط عمل الفكر حتماً، والعبقرية التي لا تستطيع استخراج عناصرها من ثنايا الدنيا لا يمكنها أن تزدهر في القمة.

ولهذا نرى أن العمل الذي بدأ يتكون في سورية عمل مخصب، يدل على نضج الأفكار؛ فلقد انبعثت اليوم الطاقات الخامدة، وطفت على سطح الحياة الاجتماعية، سواء كان ذلك في دستور قومي، أم في حقل متواضع لإزالة الأنقاض والتسوية من أجل البناء.

والنهضة الإسلامية تبدو، وكأنما تريد أن تتخلص من فوضاها، وهي تتطلع منذ عهد قريب إلى النظام والتنظيم، فإذا ما بلغت غايتها تلك، فإن معنى هذا أن الإنسان الأميبي، ذلك الفرد المتحلل القابل للاستعمار، قد دخل نطاق الحياة المنتجة، وتفسير ذلك في الإطار الجماعي: أن مجتمع ما بعد الموحدين يسعى نحو مرحلة من الحضارة تتسم بتركيب أصيل لعبقريته الإسلامية الخالصة مع العبقرية (الحديثة).

لكن هذا يقتضي معرفة متعمقة للإنسان وإمكانياته ونقائصه، وتقصياً

<<  <   >  >>