للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

روحي جديد، في جوار الهند المعقدة التي ما يزال يشع فيها فكر ديانة (الفيدا).

ومن السهل علينا أن نتصور، ما يمكن أن تصير إليه تلك (الإرادة الجماعية) في العالم الإسلامي، الذي نزع عن نفسه أغلفة ما بعد الموحدين، ثم. غرست شجرته في الأرض جموع تعيش على ثمرات الأرض، يقودها فتية يجعلون فكرة القرآن نصب أعينهم، فيلتزمونها وقد تخلصت من أن تكون وثيقة أثرية ثمينة مرتبة محررة حبيسة، بل أصبحت ذات حركة دائمة.

وليس بوسعنا أيضاً، أن نغض من قيمة الدور الذي يمكن أن يؤديه اتصال العالم الإسلامي بروحانية الهند، فإن الإسلام في جواره للمسيحية على شواطئ البحر الأبيض المتوسط، لم يفد شيئاً من روحها، كما لم تحمله على تغيير نفسه، وذلك لأن الاتصال بين الدينين قد تم في إطار استعماري زور قيمة الفكرة المسيحية في نظر المسلم، حتى لقد كان المسلم يشعر تماماً بسموه وارتفاع قدره على أي مستعمر شره ينتسب إلى المسيحية، وهي منه براء، وهو غارق إلى أذنيه في الظلم والشهوات. لذلك لم يشعر المسلم أمام هذا المستعمر بأي (مركب نقص) يدعوه إلى الكمال، أعني أنه لم يشعر بحاجته إلى تدارك ما فاته، وإلى إعادة التفكير في أمر دينه. وبوسعنا أن نقول: إن البلادة الأخلاقية التي اتصفت بها الشعوب الإسلامية على شواطئ البحر الأبيض إنما تعود في جانبها الأكبر إلى هذا النوع من التسامي المتدين، أعني من القنوع بمظاهر الدين، الذي جعلهم ضمناً، كأنما يواجهون جانباً استعمارياً من المسيحية.

فاتصال الطبقة المثقفة في العالم الإسلامي الآسيوي بالأديان الأخرى، إنما يتم في ظروف مختلفة تمام الاختلاف، إذ يشعر المسلم هنا بأنه يعيش في أرض غريبة، غزاها في فتوحاته، ولم يستجب له من أهلها إلا أقلية بالنسبة لمجموع

<<  <   >  >>