للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

والتقاليد والخرافات التي تتنوع على حسب المكان والزمان، تتمثل أحياناً في طبقة نبيلة ملفقة ذات سلطان لا جذور له في النفس الشعبية، أو ذات علم لا أفق له في عالم القيم، وهكذا ظل الإسلام على شواطئ البحر الأبيض ملكياً عند الباشوات وسادتهم، أو قبلياً بدوياً عند الأمير العربي البربري، أو تنطعاً حبيساً في وعاء التحلل المغلق في ظل رعاية المشايخ.

ولقد عرف الاستعمار الثمار التي يستطيع أن يجنيها من وضع كهذا، فبذل كل ما في وسعه، وصرف كل اهتمامه إلى تدعيم طبقة هؤلاء النبلاء، كما قوّى من نفوذ تلك الصفوة المزعومة، مستهدفاً من وراء ذلك، الإبقاء على وضع القابلية للاستعمار.

فنهاية العهد الذي تركزت فيه الجاذبية الإسلامية على البحر الأبيض، تسجل تحرر العالم الإسلامي من معوقاته وقيوده الداخلية.

وهذا الاتجاه واضح في باكستان- كما أنه واضح في جاوة (إندونيسيا)، وهي بلاد توطن فيها الإسلام منذ عهد قريب نسبياً؛ أعني أنها بلاد جديدة فتية يتفوق فيها جانب الفكر والعمل على جانب العلم التقليدي المغلق؛ وإن العالم الإسلامي لقادر هنالك على تجديد نفسه، فيتحول إلى طاقة ناشطة، ويتعلم طرق الحياة.

ومما سيظفر به في هذا المجال، أن جوه الاجتماعي الجديد ليس مؤلفاً من طبقات، بل هو شعبي على أوسع نطاق، وسيجد نفسه هنالك ملزماً بأن يتكيف وعبقرية الشعوب الزراعية، واستعدادها الفطري للعمل، مما يبشر بتركيب جديد من الإنسان والتراب والوقت، وبالتالي: بقيام حضارة جديدة.

ومما سيحتاج إليه العالم الإسلامي كذلك أن يتكيف مع ما سيصادف من جو

<<  <   >  >>