للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

المأساة الإسلامية وجد من الضروري أن ينظر إليها بوصفها مشكلة اجتماعية، على حين أن أستاذه جمال الدين ذا العقل القبلي العفوي قد تناولها من الزاوية السياسية.

فالفضل في نشأة الحركة الإصلاحية واتجاهها الذي اصطبغت به، يعود إلى تلك الاستعدادات الأصيلة لدى الشيخ المصري، الذي كان بحق أستاذ تلك المدرسة.

ويبدو أن غريزة الأرض، التي هي جوهر النزعة الاجتماعية، إلى جانب الروح الأزهري قد أوحيا- كل على حدة- بحلول للمشكلات التي واجهت الشيخ، وربما كان ذلك بسبب ما أطلق عليه (جب) تسميه (الذرية)، فلقد كان الشيخ عبده يعلم علم اليقين، أنه لكي يتحقق الإصلاح، يجب أن يبدأ خطوته الأولى من (الفرد)، ولقد وجد أساس هذه الفكرة في كتاب الله حيث قال: {إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ} [الرعد: ١٣/ ١٢) في هذه الآية- التي أصبحت شعار تلك المدرسة، ولا سيما عند الإصلاحيين بشمال إفريقية- نجد أن نفس الفرد هي العنصر الجوهري في كل مشكلة اجتماعية، فكيف نغير هذه النفس؟

هنا يتدخل عقل الشيخ عبده الأصولي، فلقد ظن- كما ظن فيما بعد الدكتور محمد إقبال- أن من الضروري إصلاح (علم الكلام) بوضع فلسفة جديدة، حتى يمكن تغيير النفس.

بيد أن كلمة (علم الكلام) ستصبح قدراً مسلطاً على حركة الإصلاح، القدر الذي حاد بها جزئياً عن الطريق، حين حط من قيمة بعض مبادئها الرئيسية كمبادئ (السلفية)، أي العودة إلى الفكرة الأصلية في الإسلام؟ فكرة (السلف).

وعلم الكلام لا يتصل في الواقع بمشكلة النفس، إلا في ميدان العقيدة أو

<<  <   >  >>