للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

ب - وأسطورة (الفقر) ليست بأقل خطراً، وحسبنا أن ننظر إلى ما يملك الفرد المسلم الثري من مال لنرى مدى فاعليته الاجتماعية، لقد زاد أغنياء المسلمين على فقرائهم في العطل على الرغم مما يملكون من ثروات، وكثير من أولئك الأغنياء لا يهتمون برعاية طفل مسلم لتربيته تربية عملية أو فنية، بل لا يهتمون برعاية عمل ذي فائدة عامة، فيقبلون عليه طائعين متنازلين عن قليل من رفاهيتهم.

ومع ذلك فليس هذا النقص بمقتصر على الفرد، فهو موجود في محيط المنظمات الثقافية، التي لم تتعود أن تتنازل عن بعض النفقات الزائدة في سبيل تشجيع الثقافة، والمساعدة على نشرها (١).

إنه التسابق إلى السرف المخلّ الذي لا يبدو الفقير فيه أقل استعداداً من الغني، وإلا فلننظر أين يستخدم (الفقراء) نقودهم؟

لقد لاحظت ذلك أخيراً في قرية صغيرة من قرى قسنطينة، حيث توجد مدرسة هي المؤسسة الوحيدة ذات النفع العام، هذه المدرسة توازن بصعوبة ميزانيتها السنوية المتواضعة في حدود ست مئة ألف فرنك (٢) (ست مئة جنيه تقريباً). ولكني قمت بتقدير إجمالي من واقع الإحصاءات، خرجت منه بنتيجة هي أن هؤلاء الفقراء- الذين يعانون الفقر فعلاً- قد أنفقوا في ليلة واحدة أكثر من مائتي ألف فرنك: ما بين دارين للخيالة، وملعب (للسيرك)، وكوخ قمار، وبعض المقاهي.

فلو أننا اعتمدنا على جملة أرقام من هذا النوع، لأمكننا أن نقوّم سعر فاعلية رأس المال المسلم؛ أعني النسبة بين ميزانية المشروعات النافعة- كالمدرسة- وميزانية


(١) لو أردنا أن نسوق إلى القارئ أدلة على ذلك، لذكرنا موقف جمعية العلماء المسلمين بالجزائر إزاء بعض الجهود الفكرية التي كان الاستعمار يعمل على تحطيمها في البلاد.
(٢) هي ميزانية عام ١٩٤٩.

<<  <   >  >>