للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

التوافه التي أحصينا أنواعها، وسنجد أن نسبة السفه في الحالة المذكورة هي ٩٥%، وهذا هو دليل التطور المقتصر على نمو الحاجات السائد في جميع ميادين الحياة الإسلامية الحديثة، على أن نسبة هذا الدليل ترتفع في الحفلات الرسمية ومهرجانات الزواج والختان وفي المآتم، وهي مناسبات تحدث نزيفاً مالياً رهيباً في حياة العائلات. هذه الملاحظات صادقة مهما أردنا تطبيقها في أي مجال من مجالي الحياة خاص أو عام، ومن أبلغ الأمثلة على ذلك ميزانية وفد الجامعة العربية إلى الأمم المتحدة عام ١٩٤٨؛ لقد كان هذا الوفد يتصرف فيما يقرب من نصف مليون دولار خلال إقامته بباريس، لم ينفق منها شيئاً في نشر أية وثيقة لعرض مسألة فلسطين على الرأي العام العالمي، بينما أغرق اليهود إغراقاً بدعايتهم. هذا التفاوت الهائل بين الوسائل التي بأيدينا والنتائج التي نحصلها منها، هو صورة نموذجية لجميع ألوان النشاط الإسلامي العام.

نحن فقراء، ما في ذلك شك، ولكنا لا نحمل في جنوبنا هماً لعلاج هذا الوضع باستخدام الوسائل المتاحة لنا استخداماً مجدياً.

وكم ثمرة من ثمرات الفكر ذات الأهمية الخطيرة ننتظر- دون أمل- نشرها لعجز أصحابها المالي، بينما الأموال العامة تهرب إلى حيث لا ندري (١).

ليست حالة الوفد العربي في باريس استثناء يرجع الخطأ فيه إلى باشوات مصر (قبل الثورة)، لأنه حيثما وجد المال- في المجال الخاص أو العام- لاحظنا سوء استعماله.

بل لو أنهم زادوا ميزانية هذا الوفد لكان من المتوقع الكثير ألا يستغلها في زيادة وسائله وصلاحياته، وإنما يزيد في حاجياته ونفقاته، فليست المشكلة


(١) من الأمثلة على ذلك مؤلفات المغفور له الأستاذ علي الهمامي. فكم من أناس ذهبوا يترحمون على قبره. ولكن منظمة من تلك المنظمات التي تكرمه لم تفكر بعد في الشيء الوحيد المهم وهو نشر مؤلفاته.

<<  <   >  >>