للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

[المبحث الثاني: التبشير]

التبشير لفظة مشتقة من بشر بمعنى فرح وتهلل، ومنه البِشَارة، وهي الخبر السار الذي لايعلمه المخبَر، والبُشرى هي ما يبشَّر به أو ما يعطاه المبشَّر.

والتبشير بالمعنى الاصطلاحي يطلق على دعوة النصارى الآخرين إلى النصرانية. (١)

ويزعم النصارى أن هذا الأمر صدر لهم من المسيح حين قال: " فاذهبوا وتلمذوا جميع الأمم وعمدوهم باسم الآب والابن والروح القدس " (متى ٢٨/ ٢٠) فيزعم النصارى أنه بموجب هذا الأمر كان لابد لهم أن يسيروا لتبليغ النصرانية إلى الأمم. وهكذا خرج دعاة النصرانية يكرزون الأمم، وانتشرت النصرانية في ربوع أوربا، كما انتشرت في بعض مناطق أفريقيا كالحبشة ومصر.

ولما ظهر الإسلام دخلت الأمم في دين الله أفواجاً، ودخل الإسلام إلى مهد النصرانية في بلاد الشام ثم مصر ثم آسيا الصغرى، ثم بعد حين توقف عند أبواب فرنسا.

وطوال قرون عديدة تواصلت الحروب الصليبية تروم العودة إلى البلاد المباركة، ولكن من غير فائدة أو جدوى.

وقد اتجه المبشرون إلى العالم الإسلامي خلال سنين طويلة متباعدة، وكان أرخبيل أندنوسيا هو باكورة النشاط لهم حيث وصل المبشر المشهور فرنسيسكوس اكسافيريوس في ١٥٤٦م، ثم تتابع المبشرون مع وقوع البلاد تحت الاستعمار البرتغالي ثم الهولندي ثم الإنجليزي.

وقد كان الجهد المبذول في تبشير أندنوسيا عظيماً، فقد وصل عدد الكهنة الكاثوليك عام ١٩٧٣م إلى١٣٠ كاهناً، ويضاف إلى ذلك ٢٢ أبرشية، ٩ هيئات للرهبان والراهبات، و٣٣ مطرانية، فيما وصل عدد الكاثوليك إلى مليون وربع كاثوليكي. (٢)

وفي القرن الثامن عشر توافدت البعثات التبشيرية على أراضي الخلافة العثمانية مستغلة ضعف الدولة العثمانية واقتسام ممتلكاتها، حيث وضعت بلاد المسلمين تحت الاستعمار بأنواعه المختلفة.


(١) انظر: المعجم الوسيط، إبراهيم أنيس وآخرون (١/ ٥٨).
(٢) انظر: غارة تبشيرية جديدة على أندنوسيا، أبو هلال الأندنوسي، ص (١٧ - ٢٠).

<<  <   >  >>