وقد استمرت السيطرة الروسية على بعض هذه البلاد إلى يومنا هذا فيما نجت بلاد أخرى، وشكلت حكومات مستقلة بعد سقوط الاتحاد السوفيتي عام ١٩٩٠م.
فيما تحررت البلاد الإسلامية جملة من الاستعمار الفرنسي والإنجليزي والإيطالي (العسكري) في أواسط القرن العشرين.
[دوافع الاستعمار الأوربي]
نستطيع القول بأن ميل النفس إلى الصراع والطموح إلى الأفضل جِبلّة بشرية جاءت النبوات لتهذيبها وجعلها عبادة يراد منها إقامة دين الله وإزالة الطغيان.
وعليه فالسيطرة من القوي على الضعيف ليس بجديد، ولم يكن الأوربيون أول من مارسه، وإن كان للتوقيت والمكان الذي انطلقوا إليه مرامي ينبغي أن لا يغيب عن أذهاننا كما لاينبغي أن يفوتنا بعض أسباب القسوة والهمجية التي تميز بها الاستعمار الأوربي.
فقسوة الأوربي في المستعمرات التي بسط سلطانه عليها - كما يرى الغزالي - منسجم مع قسوة الغربيين وجلافتهم وقرب عهدهم بالهمجية والتخلف.
وتزيد هذه الوحشية ضراوة عند النصارى عن غيرهم بسبب ما تحدثه عقيدة الفداء من آثار سلبية إذ هي تمنح النصراني اعتقاداً بنجاته على الرغم مما يحدثه من ذنوب وفظائع، إذ يكفيه الإيمان بالمسيح لينجوا، أو يكفيه أن يحصل على صك غفران من أحد آباء الكنيسة ليدخل في ملكوت الله، وعليه فهو لايبالي بالوحشية والقسوة التي يتعامل بها مع الشعوب المستضعفة.
وينبه الغزالي إلى أن ثمة أمراً مهماً يحتم على النصارى الاتجاه إلى الاستعمار وهو فقد النصرانية لوسائل الإقناع وعجز رجال الكنيسة عن شرح العقائد النصرانية في ضوء المعطيات العقلية.
فإذا أراد النصارى بعد ذلك نشر النصرانية لم يجدوا سوى السيف بديلاً يستجيب الناس من خلاله لمنطق القوة الغالبة، فكان الاستعمار حلاً ناجعاً لقصور العقائد والعبادات النصرانية. (١)
(١) انظر: الاستعمار. أحقاد وأطماع، محمد الغزالي، ص (٣٦).