للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

كنا على رصيف (الشارع الوطني National)، وقد حاولت عبر صورة ما تحديد فكرة الفعالية التي تبدو لي حتى الآن تنقص العالم الإسلامي، وفي فورة من الحماسة قلت: ((إذا كنا في هذه اللحظة قررنا الصعود إلى القمر، فإن علينا فوراً أن نضع على هذا الحائط سلماً ونبدأ في التسلق)). وأيدني صديقي فوراً: ((نعم! هذا ما يجب أن يُعْمَل)).

ربما أو على الأصح من المؤكد أنني لم أفهم كل ما تعنيه هذه الملاحظة في ذلك الوقت، لكنني اليوم أعرف أنها صدرت من رجل ذي حضارة.

لم يبق هذا الرجل بيننا في قسنطينة إلا الوقت الكافي لتوضيح ما كان يعتمل في عميق نفسه ثم اعتنق الإسلام. ومنذ ذلك الوقت سيطرت عليه فكرة: كان يريد التوجه إلى الشرق. ولست أدري من رتّب له مقابلة مع الشيخ بن باديس كي يحمله توصية إلى الشيخ (رشيد رضا) في القاهرة.

منذ ذلك التاريخ لم يترك هذا الصديق ما ينبئ عن وجوده على قيد الحياة. وأنا نفسي بعد ثلاثين عاماً لم أعثر له على أثر في القاهرة.

هناك حدث آخر ترك بصماته في وسطنا خلال تلك الفترة، ليس في جانبه الأدبي والفكري بل لأنه حمل لبعض منا فرصة تبنّي موقف مقاومة.

فذات يوم استضاف عمي إسماعيل مدير صحيفة (النجاح) (توفيق المدني) المُبْعَد من تونس. بعدما منع نشاط الحزب الدستوري ونفي رئيسه الشيخ (الثعالبي). كان أكثر أعوان هذا الأخير من أصل جزائري كـ (عبد الرحمن اليعلاوي) و (توفيق المدني). وهكذا اتجه الثعالبي نحو (عنّابة) حيث كانت طريقة (بن عليوة) مزدهرة فيها، فسلك الطريق وأضحى على ما أعتقد أحد شيوخها. أما توفيق المدني فقد توجه إلى الجزائر وتوقف في طريقه عند عمي إسماعيل، في قسنطينة حيث تعرفنا عليه.

<<  <   >  >>