للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

من الطبيعي أن يكون التعرف على رجل منفي يعني التعرف على قصته، وعلى البوليس الذي كانت له أعين.

لست أذكر قصته جيداً لكنني أذكر أنني وصديقي (شوات) واثنين من المدرسيين رافقناه إلى المحطة ليستقل القطار إلى الجزائر.

على الرصيف كان الأمن، كما يقولون في ذلك الزمان، وقد راقبنا وسجل أسماء أولئك الذين جاؤوا لتوديع ذلك المنفي.

في تلك الفترة كانت الأمور تجري بكل براءة، حتى البوليس كانت له براءته. وأحد رجال البوليس سأل عمي إسماعيل عن أسمائنا وسجلها في مفكرته أمام أبصارنا.

أذكر أنني قفلت من المحطة بعد أن غادرت القطار فخوراً بما صنعت وحالماً بكتابي (الكتاب المنفي Le livre proscrit).

لكن سائر الأحداث التي عشناها مع رفاقي في المدرسة، لم تكن قادرة على أن تحل مشكلتنا الرئيسية: ((ماذا نفعل بعد التخرج من المدرسة؟)).

كل منا فكر في حل لهذه المشكلة المقلقة عدا (صالح حليمية) على ما أعتقد، فقد كانت لديه مناعة ضد ذلك الوسواس لما يشغله من أوجاع معدته وقامته القصيرة.

فهذه سنتنا الدراسية إذن بدأت تتخذ منعطف الامتحانات المضجر، والقضية أضحت أكثر إلحاحاً بالنسبة لي، فقد واجهتها بحلول عديدة. فكرت بالهرب إلى (الريف) مع (شوات)، بل ما هو أسوأ أن أنسف مستودع البارود في قسنطينة دون أن أعلم من أين يمكن التسلل إليه.

<<  <   >  >>