للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

مزرعتي المقبلة في السودان أو أوستراليا، واتجهنا مباشرة نحو المحطة لنأخذ قطار الساعة العاشرة مساء بينما كانت ساعتنا تكاد تشير إلى الرابعة.

وإنه ليصعب تصور ساعات ست من الانتظار على مقعد محطة بعد سبعة أيام أو ثمانية من سوء التغذية والقلق، أمام مكاتب الاستخدام والانتقال على الأقدام من مكتب للعمل إلى آخر.

لكنها كانت ساعات من الحرية المستعادة، فيها شيء من الطمائينة حيال وعد بأفق جديد. فالأمر لا يحتاج لغير القليل حتى ينتقل المرء معنوياً من السواد إلى البياض.

كانت الشمس المرسلة بأشعتها على ساحة المحطة، قد عادت بناظري إلى ذلك اللون الذي كنت أحب اللعب فيه وأنا طفل في تِبِسَّة، إذا ما صُرفنا من مدرشة القرآن في تلك الأوقات، تبدو ذهبية اللون بعد ظهر كل أربعاء من الأسبوع وقبل صلاة العصر حين كنا نلعب وفي القلب كل وعد بكر في صبيحة الخميس.

أظن أنه تبقى لنا خمسون سانتيماً من عشرة الفرنكات ثمن شاشيتي بعد أن دفعت قيمة تذكرتين في القطار. وكان ذلك يكفي لشراء قطعة من الخبز وأخرى من الجبنة لكل منا.

وأزفت ساعة الانطلاق في النهاية فاتخذنا مقعدينا في قطار بطيء وفي غرفة سيئة الإضاءة كنا فيها وحدنا أنا و (قاواو).

ربما قاومنا النعاس أول الأمر لربع ساعة، إلا أن تعب الأسبوع المنصرم وإرهاقه فضلاً عن المقاعد الفارغة، كل ذلك قد غلب علينا فاستسلمنا للرقاد بعد أن أوصى كل منا الآخر بقوله:

((توقظني في نوتردام دولورت - Notre Dame de Lorette))

<<  <   >  >>