للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

وفي كثير من الأحيان كان عملنا يضطرنا لقضاء الليل خارجاً. وإذن فذلك هو العيد عندي على الرغم من بعض المزعجات العابرة. والمزعجات هذه تأتي من أني لم أكن يوماً فارساً. وإذا ما شاء فريقنا المؤلف مني ومن باش عدل سي (الجودي) وصديقي العدل ومعاون المحكمة، أن يحثوا سير الدواب لنبلغ مضرب الخيام قبل مغيب الشمس فقد كنت أجد نفسي في مأزق.

فركوب الدابة يتطلب شيئاً من التعلم حتى في سيرها العادي. وكنت في هذا المضمار بالغ السوء. ومرة بينما كنت أحاول أن أسير بحذاء رفيقي الذي كان يسير الهوينى على دابته، ضربت بركابي جنبي الحصان- وكان في غالب الظن أصيلاً- فظن أني أستحثه للعدو. وحينما عدا بي ضربت جنبيه بركابي بقوة أكبر فأضحى مجنوناً واقترب بي بعدوه من القبر. وحينما توقف- بمعجزة- على حافة واد، بتنا والحصان نرتجف كورقة في مهب الريح.

وقبل مغيب الشمس كانت التقاليد تقضي بأن نخطر مضيفنا بقدومنا إليه للمبيت ليلاً. ومغ أجل ذلك كان سي (الجودي) يكلف واحداً منا ليسرع الخطا ويقوم بهذه المهمة، وذلك أمر مزعج حقاً. ولكن كم هو ساحر قدومنا إلى مضرب الخيام ساعة تتوافد قطعان المواشي إلى حظائرها.

مضيفنا الذي أُخطِر بقدومنا يبادر بصفة عامة ليرتب أمر طعامنا، ثم يخف لملاقاتنا في ظاهر الدوار وقد فرش أجمل بساط لديه أمام منزله أو أمام كوخه. وكنا نترك الجلوس عليه عادة ليجلس سي الجودي، أما كل واحد منا فكان يتمدد حيث يحلو له المكان. وإذا ما كان الربيع فإن الطبيعة تقدم بساطها الذي ينشر عطره الجميل في الفضاء، فيختلط برائحة خشب الصنوبر الذي يتقد تحت قدور طعامنا.

الكلاب تستقبلنا بنباح يهدئ أصحابها منه. إنه نباح يسهم بصورة كاملة في

<<  <   >  >>