للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

عادات وتقاليد ريفنا. فالكلاب بلا شك حراس أمن الدوار. لكنها بنباحها تهدي المسافر الذي أدركه الليل يبحث عن مكان يأوي إليه في ليالي الشتاء الباردة.

إنها إذن نداء كرم الفلاح الجزائري.

القوم في الدوار قد خفوا لاستقبالنا أيضاً، فذلك من أدب التقاليد. وشيخ القوم الذي استضافنا للمبيت عنده يدعو على شرفنا سائر أهل الدوار.

الحلقة الكبيرة تلتف حول سي الجودي، وبعد العشاء على ضوء النجوم ينعقد المجلس، كلٌّ يطرح سؤالاً أو يروي قصته.

وعندما كانت أعود من تلك الرحلات كانت والدتي تجدني ناضر الوجه.

وكان ذلك يمنح صحتي ظماناً، إنما ليس ذلك الضمان الذي كنت أنشده لوضعي القلق، الذي يطرح أمامي ذلك السؤال الرهيب: ما العمل؟

تمبوكتو، أوستراليا عادتا تراودان مخيلتي. واستحوذت الصحراء على نفسي بما لا أستطيع دفعه. وكان ذلك حينما أعلنت بعثة علمية من جامعة الجزائر عن رحلة إلى (الحجارة (١)). لم يكن لدي أي تخصص بعلم ما قبل التاريخ الصحراوي، لكنني تعلقت بأمل غامض وتمنيت لو قبلت في البعثة على الأقل بصفة مترجم للغة العربية.

في ذلك العصر كان وصول ( indigène) من الجزائريين الأصليين إلى بعثة علمية يعني الوصول إلى السماء. لابد من سلم كي أرقى إلى تلك الغاية وأي سلم؟

فكرت في (دورنون Dournon) وأرسلت إليه على الأثر رسالة أعرض عليه فيها خدماتي المجانية. وعلى الرغم مما تركت لديه من أثر فقد اتخذ الخطوة الأولى،


(١) الحجارة: مقاطعة جبلية في جنوبي الجزائر يسكنها الطوارق.

<<  <   >  >>