للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

فالمرابطون يجمعون هكذا زكاة سائر المنطقة التي هي كثيرة الغنى والكرم معاً.

ومن الطبيعي أن استغلال سذاجة الناس ما تفسح المجال أمام حيل تضحك اليوم الطفل، لكنها في ذلك العصر تركت أثراً بعيداً في بساطة أولئك القوم.

هكذا كان الناس يشهدون كل عام موكب (القادرية) المهيب يأتي إلى (أفلو). راية ترفرف، وعلى رأسها ابن شيخ الطريقة (المقدّم) يلبس الثياب الخضراء من رأسه إلى قدميه، إنها ثياب أهل الجنة، وهو ذو ذكاء شيطاني يعرف كيف يبتزّ من السذاجة العامة للناس كل ما يريد.

لقد كان يملك في تلك الفترة في (وادي سوف) بستاناً للنخيل، مؤلفاً من حوالي ألف نخلة، وهو من هبات أولئك الذين يريدون أن يدخلوا الجنة في موكبه.

وهنالك مرابطي آخر يأتي من (الأغواط) حيث اختارها مقاماً. إنه يمثل الطريقة الرحمانية طريقة قاضينا الوقور، إنه مشعوذ أمكر. وهو يعرف كيف يستولي على مخيلة مريديه بأساليب جد بسيطة.

كان يحمل في حقيبةٍ ملابس ضابط في الجيش الفرنسي. وحينما يتسنى له أن ينفرد بنفسه ولو لبضعة دقائق فإنه يرتدي ذلك الزي الذي هو شعار السلطة والقدرة في عيون أتباعه. وحينما يراه القوم بعيون الأطفال الذين يرون الحياة عبر رموزها، فإنهم يعطونه سلطة أكبر مما يعْنِيه سمت ضابط فرنسي.

ويقال إنه يستطيع وهو جالس في (الأغواط) في غرفته ومن حلقته بين مريديه، أن يرى قافلة تأتي من بعيد إلى المدينة فيرسل إليها من يستقبلها.

وطبيعي أنه إذا ما كان ثمة منظار شبيه بذلك الذي تستخدمه الغواصات،

<<  <   >  >>