للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

(القوّادات) أن ترسل براداً من الشاي، تقدمه لأعضاء المحكمة ويضعه صاحب المقهى أمام الشيخ (بن عزوز) بالذات.

كان ثمة فتيات من جبال (عمور) عيونهن لوزية، يأتين لا ريب من القبائل إلى سوق المركز يثرن بجمالهن العموري اضطراب الفتيان.

لكن فسادهن يبقى في حدود المناسبات. إنه عَرَضي لم يولد تلك النتائج الاجتماعية التي نجدها في المدن، كالجزائر، حيث البغاء ينظَّم تجارة ولّدت محيطاً خاصاً بتجارة الرقيق الأبيض.

ففي (أفلو) تقف الانحرافات عند هذا الحد: بنت تخلى عنها زوج طائش، أو كانت دون عائلة أو انجرفت بمثل سيئ أودى بها.

لكن هذا التردي يظل في حدوده الأخلاقية والاجتماعية، فقد بقي لهذه البنت أصالة من شرف تستطيع أن تعود بها إلي الطريق السليم، ومغامرتها لم تولّد تلك الأوبئة المخيفة التي يفرزها البغاء المنظم في أماكن أخرى، حيث أضحى تجارة وسوقاً وبضاعة مهربة وصناعة.

فالناس في الأعماق طاهرون ما تزال تسودهم البراءة، ولم يعرفوا بعد الرذيلة المتأصلة. ثم إن الضجة التي بدأت تحرك الأفكار في قسنطينة لم تكن قد امتدت بعد إلى منطقة وهران، فهناك لا تسمع أحداً يتكلم لا عن الإصلاح ولا عن الأسطوانات المصرية.

ولم يكن الشيخ (الإبراهيمي) قد وصل بعد إلى تلمسان. وأظن أني أنا الذي أدخلت العدد الأول من مجلة (الشهاب) إلى (أفلو) وكانت أقرؤها مع السيد عمر ابن القاضي، الذي لم يكن يقبل محتواها كله.

كان الناس ما يزالون خاضعين للروح (المرابطية)، ولذا فهم يقيمون الاستقبالات الحاشدة لممثليها حينما يأتون كل عام ليأخذوا حصتهم السنوية.

<<  <   >  >>