للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

إطار منتجات البلدان المستعمَرة: الأصواف والجلود والحبوب .. إلخ وكان من المحتم أن نتأثر بذلك كله.

وبقدر ما كان سعر البنزين محافظاً على مستواه كان ثمن الشعير أعني عملة الدفع في المطحنة لا يفي بثمن البنزين، فقد كان الناس وفقاً للعادات يدفعون أجرة الطحن حصة من المادة المطحونة.

طرحت المشكلة مع صهري، ولم يكن لها سوى أحد حلين اثنين: أن نسرق الزبون؛ أي أن نأخذ أكثر من العُشر المتعارف عليه من كمية الحبوب المطحونة، كيما نحقق ربحاً إضافياً كما تفعل غالبية المطاحن الأخرى، أو أن نترك مطحنتنا لمن سيكون أكثر انسجاماً مع هذا الواقع.

وأذكر تلك المحاورة كأنما جرت اليوم على كومة من أكياس الشعير تحت سقف المطحنة:

- لا أستطيع أن أسرق .....

- وأنا أيضاً لا أستطيع السرقة أبداً.

قررنا إذن ترك المطحنة لشريكنا الثالث القائد. واحتفظ صهري بالناقلة التي أضحى يحسن قيادتها مع مرور الزمن. ففي الوضع الذي كنا فيه كنت أفكر في صهري أكثر مما في نفسي لأنه كان صاحب عائلة وأولاد.

تبسة غدت خانقة، لقد سئمت النادي ومقهى (باهي) وحكاياته حتى نفسي أيضاً. وكنت أُسَرِّي عن نفسي أحياناً بالذهاب بضعة أيام إلى (دوار) الأرانب عند صديقي القائد (الأكحل).

كانت هذه الجولات تفعل في نفسي الكثير من الخير، لكنها لم تكن تحل مشكلتي. مرت الأسابيع كذلك الشهور وقد تسنى لي مع القائد (الاكحل) أن

<<  <   >  >>