هذه اللحظة كانت تعرّضني لأول اختبار أخلاقي يواجهني في العالم الجديد الذي أصبحت أعيش فيه. لقد كنت خلال زيارتي الأولى لفرنسا، قبل خمس سنوات، أدعى (يوليوس) في الرهط الذي جعلهم اليهودي القسنطيني تحت يده، ولم يكن ذلك عن اختيار مني أو طواعية، بينما لم أكن هذه المرة أمام من يريد التصرف في ضميري، وإنما أمام ضميري فقط، فذكرت ديني بكل وضوح.
وقد أصبحت هكذا عضواً مسلماً في (الوحدة المسيحية)، وما كان لأمر كهذا أن يكون عادياً في سجلات المنظمة.
لا أدري كيف كان انطباع الموظف الذي سجل اسمي، ولكني شعرت أن الشاب البشوش الذي دلني زاد اهماماً بأمري منذ تلك اللحظة، اهتهاماً، تخالطه المودة والفضول، فتقدم ليطلعني على مرافق المنظمة.
فاتبعته ونحن نتجاذب الحديث، يسألني عن الجزائر والإسلام، وأسأله عن تفاصيل الحياة في هذا المحل.
كانت هذه الوحدة تُدار وتُنظَّم شؤونها طبقاً لضرورات شباب يدرس أو يعمل بعيداً عن بيوت الأهل، قادني الدليل اللطيف إلا الدور الأسفل، حيث توجد قاعة التدخين التي يتناول فيها الشبان القهوة بعد الغداء أو في الصباح، ويستطيع الزائر الدخول من هذه القاعة عبر أبواب اتصال، إلى قاعة للمحاضرات تستعمل إلى جانب ذلك لعرض الأشرطة السينمائية، أو إقامة التمثيليات على مسرحها.
ثم نرلت معه إلى دور تحتي سفلي حيث توجد قاعة الرياضة بكل أجهزتها، من بينها مسبح يتسع لمباريات، ثم صعدنا إلى الدور الثاني فوجدنا الموظفين تلك الساعة يهيئون الصحف في قاعة المطالعة، لمن يطالعها من شبان (الوحدة) عندما يأتون لوجبة الغداء، وقد يفضلون مطالعة صحيفة على الوقوف في صف