للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

جدي يحول دون ذلك، أما عمي محمد فلم يكن يتكلم معي. كنت أقضي وقتي متسكعاً ألهو بأجراس البيوت في (الشارع الوطني National)، وقد بهرتني السينما خاصة مع أول فيلم أميركي كنت أتابعه في كل عرض هو (عجائب نيويورك).

وفي يوم لم يكن معي نقود فعمدت إلى بيع حذاء جديد، كانت قد اشترته لي أمي بهيجة في الصباح، ودخلت بثمنه إلى سينما وكان يعرض فيلم ( Nunez).

وأمام تكاثر تصرفاتي السيئة اضطرت المرأة المسكينة أن تكتب لأهلي طالبة إليهم أن يعيدوني إلى تبسة.

لقد تركتُ قسنطينة: أمي بهيجة وجدي وكلبه، بأسى شديد. ولكني حملت معي من تلك الإقامة فائدة واحدة فالأمور بدأت تتصنف في تفكيري وذاتي.

ففي تبسة كنت أرى الأمور من زاوية الطبيعة والبساطة، أما في قسنطينة فقد أخذت أرى الأشياء من زاوية المجتمع والحضارة واضعاً في هذه الكلمات محتوى عربياً وأوربياَ في آن واحد.

...

لم تتغير تبسة خلال غيابي عنها، إنما شيء واحد خيب أملي، هو أنني لم أجد معلمتي القديمة السيدة (بيل)، ولكن لحسن الحظ فإن امتحاناً مختصراً أتاح لي الانتقال للصف الثاني، حيث وجدت الآنسة (رافي Rafi) وهي مدرسة يحبها تلاهيذها بطريقة لا تخلو من العقد، فقد كانت جميلة جداً. وفي يوم من الأيام اضطرت أن تطلب من مدير المدرسة السيد (آدم) تأديب طفل يهودي في صفها لموقف غير مهذب صدر عنه.

لقد كنت مثالاً للنظافة في الصف. وذات صباح حينما كانت الآنسة

<<  <   >  >>