(رافي) تستعرض أيادي تلاميذها في ملعب المدرسة عندما دق الجرس توقفت عندي وقالت للتلاميذ: ((هكذا تكون الأيدي نظيفة)).
كنت أدرس بجد طيلة أيام الأسبوع. وبما أني كنت أحرص على كتابة وظائفي مساء السبت فقد كنت أحصل على شيء من الحرية يوم الأحد. وبالتالي كنت أقضي يومي كله تقريباً في مخزن سي (شريف برقوقة) بَقَّال الحي. وبسبب ظروف الحرب التي أدت إلى فقدان الورق التجاري المستعمل في لف المشتريات، فقد اضطر كسائر زملائه إلى استبدال الورق المطبوع به.
كانت قصة الحرب آنذاك تظهر في أجزاء مطبوعة، أجد معظم أعدادها الصادرة في مخزن سي شريف، وكنت أغرق في قراءتها باهتمام مولع، خصوصاً لما تحتويه من صور كثيرة.
لقد حملت من قسنطينة بفعل الاحتكاك بجدي وبالطالب سي زرودي ميولاً تركية وجدت غذاءها في تلك القراءة. فمعركة الدردنيل وجبهة سلونيك لاحت مغامراتها أمام مخيلتي. فقد تتبعت الجيش التركي على رمال سيناء حتى مشارف السويس التي كاد يجتازها لو لم يقطع لورنس عنه إمداد الماء مستعيناً بالقبائل العربية.
باختصار فقد أصبحت قريباً من مسرح الحرب العالمية الأولى وألفت سمعي أسماء أمثال (شارلروا- المارن- الأردان- الفردان).
وذات يوم سمعت حولي حديثاً عن حركة عصيان في عين التوتة. ورأيت بنفسي في تبسة الحاكم وأعوانه يُنزلون إلى المحطة قافلة من المجندين من أهالي البلاد، والحجارة تتساقط على باب قسنطينة كالمطر، وقبعة الحاكم تقع على التراب، بينما كانت النسوة من قبائل ليموشي يجرحن خدودهن بأظافرهن.
لقد أبصرت تجارة خاصة النور: فقد رأيت رجلاً ذا ساق خشبية يبيع