في الصف جرس الكنيسة الصغير يدق بقوة، والآنسة (آدم Adam) التي كانت تنوب عن والدها في التدريس بسبب مرضه توقفت في ذلك اليوم، لقد فتحت النافذة فإذا واحد من الذين يمرون في الطريق يقول:((لقد طلب الألمان الهدنة))، وهكذا خرج كل من في المدرسة إلى الخارج.
في ذلك المساء شعرت في عائلتي بشيء من الامتعاض يصعب التعبير عنه بوضوح. ولكن في الخارج وخصوصاً في ساحة القصبة شاع الصخب وأشعلت النيران وقد رأيت (مدام Denoncin) تضحك وتطلق الأسهم النارية من عتبة دارها.
كان ذلك يوم الحادي عشر من تشرين الثاني (نوفبر) عام ١٩١٨. الساعات التي تبعت ذلك التاريخ لم يكن لها المعنى نفسه في جميع أنحاء العالم؛ ففي الجزائر بدؤوا يتحدثون كثيراً عن النقاط الأربع عشرة لـ (ويلسون)، والشعوب بدأت تطالبه بحق تقرير مصيرها. وكان حظ الجزائر من ذلك توسيع المشاركة في الانتخابات البلدية، وكان التمثيل منقسماً إلى طائفتين داخل مندوبي الشؤون المالية والحق بحمل سلاح الصيد؛ لقد كان ذلك كثيراً. وهكذا عمل المعمرون الفرنسيون بطريقتهم الخاصة؛ إذ قام وفد من أبناء البلاد (رؤساء المُستعْمَرين) على رأسه (بن قِديري)، وذهب ليحتج في باريس ضد تجاوزات الحكومة الفرنسية في منحها (للسوقة من الأهالي) حقوقاً مفرطة. وقد ظهر أدب لتأييد ذلك في الجزائر، وبرز رجل يدعى (لويس بيرتران Louis Bertrant) كان على رأس حركة من أجل استمرار اللاتينية في إفريقيا الشمالية والوجود الفرنسي في الجزائر. ومن جهة أخرى كانت هناك معاهدة (فرساي) التي افتتحت عهد السلم الأوربي في العالم.
أما الامبراطورية العثمانية فقد تجزأت، و (الرجل المريض) بات تحت