للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

عادت إلى مدينتها بواحدة من تلك الاوتوبيسات ذات الخمسة عشر أو العشرين مقعداً والتي كنا نحلم بركوبها.

وعندما أعلن عن ورود كميون Berliet إلى تبسة لحساب أول شركة سفر أنشأها رجل يدعى أحمد الخالدي، اعتقدنا أنه لا يستطيع دخول باب قسنطينة.

حتى الأنظمة الإدارية لأبناء المستعمرات أصيبت هي أيضاً بتغير. فالإدارة الاستعمارية بدأت تعطي الأفضلية في اختيار قوادها للمحاربين القدماء. وكان من نتيجة ذلك أنه لم يعد عرسان المدينة يستعيرون البرنص الأحمر من القائد الصديق، فقد مات القائد العجوز في الحرب. والتقليد الذي بقي حياً لزمن بعده قد مات بدوره في الروح التبسية عندما تبدل البرنص القائدي.

أثناء ذلك نجحت في شهادة الدروس الابتدائية. لقد ترك هذا الامتحان في نفسي ذكرى. فخلال السنة كان سهلاً أن أراقب علاماتي وعلامات الثلاثة أو الأربعة الأوائل في الصف، وكنت أرى أنني كنت بالفعل أولهم، ولكن لم أكن الأول في الصف طيلة السنة، لأن الأب (آدم) كان يسلم دفتر العلامات لطفل فرنسي. وبذلك فقد حصلت في الشهادة الابتدائية على درجة جيد بينما رفيقي الفرنسي الصغير حصل على درجة جيد جداً. ومع ذلك فقد نجحت في امتحان المنح الذي كان له أكثر من معنى عند طفل من أبناء المستعمرات لا يستطيع أهله أن يرسلوه إلى (الليسيه).

فمع هذه المنحة سوف أستطيع متابعة دروسي في المرحلة التكميلية في قسنطينة في مدرسة سيدي الجلي، إذ يحضر خلال عام أو عامين المرشحون للدخول إلى المدرسة أو إلى معهد المعلمين أو ليكونوا مساعدي أطباء. العطل التي تبعت تلك المرحلة كانت بالنسبة لي قروناً من الانتظار. ولكني خلالها كنت أفاجئ عائلتي في الحديث عن مستقبلي.

***

<<  <   >  >>