وسلكنا منحدر شارع (بيري غو Perrégaux) الذي ير تحت مدرج المدرسة، وكانت دار جدي على بعد خطوات من ذلك المكان. وامرأة عمي التي كانت قد تزوجت لفترة خلت استقبلتني استقبالاً جيداً.
وامرأة جدي خالتي بهية استقبلتني أيضاً بحرارة كبيرة في أعلى السلّم. لقد وجدتها عجوزاً أكثر من ذي قبل. وقد وجدت بيدها تلك الرزمة من الورق الذي كانت تبله بريقها وتدسه قليلاً في علبة تبغ صغيرة، ومن ثم تضعه في أنفها كما عهدتها دائماً.
كان المرقد الخشبي الذي كان يأوي إليه كلب جدي خالياً وقابعاً في إحدى الزوايا، ويبدو لي أن خالتي بهية التي كانت تملك البيت لم تعد مواردها بعد موت جدي تكفيها. فقد وجدت الآن مستأجرين في ذلك المنزل. وكانت تشغل منه المجلس مع أخيها خالي (علاوة) وهو عجوز صبي وديع كالمحل ولكنه غير قادر على تدبير شؤونه، لذلك فقد أسست له مخزناً لبيع الفحم في شارع قريب من الدار.
في مقابل المجلس من البيت غرفة تسكنها عائلة شابة تبدو على وجنتي الزوج ندوب الأخوة التي خلفتها حضرات العيسوية الأسبوعية، وما يتخللها من أفعال الكرامات في الزاوية العيسوية، وعليه مظهر عامل (فرام) في مصنع (بن القريشي) للتبغ والذي كان في ذلك الوقت مزدهراً.
في السرايا حيث كان يسكن عمي محمد، يقيم الآن رجل متزوج للمرة الثانية هو السي علي. كانت له بنت صغيرة من زواجه الثاني، وله من زوجه الأولى فتاة في العشرين من عمرها مطلقة. أما عمي فقد كان يشغل مع زوجه الغرفتين اللتين في الطابق الثاني. غرفة منهما للنوم وأخرى تستعمل لكل شيء، وقد خصص جرء منها قطع بحاجز لأعمال المطبخ.