للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

تدعى (النجاح)، أنشأها قبل عام شاب قسنطيني (سامي اسماعيل) عاد من الزيتونة في تونس بشرف العلم، تدل عليه تلك العمامة فوق رأسه، لقد كان يقدم لعقول القراء زاده الأسبوعي، ولكنه زاد هزيل بدون شك، فاحتفالات الزواج والوفاة تأخذ المقام الأهم من الصحيفة، ولكنها جريدة تكتب بأحرف عربية. وذلك كان نوعاً من التحدي للإدارة الاستعمارية التي أرست سياستها على (فَرْنَسَة البلاد).

لقد وجد الآن القراء القدامى للجريدة التونسية الزهراء غذاءهم الروحي. فالعدد من جريدة (النجاح) الذي يصل إلى تبسة تتناقله الأيدي هنا وهناك.

وعمي يونس كان يرسلني بانتظام لكي أطلبه من صديق له قديم. كنت ألفظ ذلك بكسر النون لاعتقادي أنه أكثر انطباقاً على قواعد النطق العربي. وبفضل الشيخ عبد المجيد تعلمت على الأقل أن ألفظ (النجاح) بشكلها الصحيح أي بفتح النون، لأنني لعدم انتظامي في دروس الشيخ لم أستطع أن أحقق تقدماً أكبر في العربية.

في صف مسيو (مارتان Martin) هناك أقسام ثلاثة، لكني على الرغم من ذلك كله كنت أنتسب إلى فريق المدرسة بأجمعه، ولم أكن أدرك حقيقة الشعور الذي يشكله الخط الفاصل بين التلاميذ الذين سيصبحون في المستقبل معلمين، والذين سيصبحون مساعدي أطباء، وبين أولئك الذين يعدون ليصبحوا عدولاً؛ بينما كان يدرك كل فريق من هؤلاء بوضوح ذلك الخط الفاصل.

وكان فريق المدرسيين الذين يعدون أنفسهم لدراسة القضاء الشرعي - وكنت أحدهم - يشعرون بأنهم حملة رسالة قومية.

لقد كان للتربية البيتية دور في تحديد هذه الفرق، فمربو المستقبل كانوا لدى مسيو (مارتان Martin) أمناء لروح العلمانية التي طبعت فيما بعد حركتهم،

<<  <   >  >>