للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

تَعَالَى: {أَوَمَنْ كَانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُوراً يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِنْهَا} ١ وَيكون - إِلَى جَانب كل مَا تقدم - قد حقق الْعُبُودِيَّة الْمَحْضَة لله تَعَالَى وَتَحْقِيق الْعُبُودِيَّة الْخَالِصَة لله غَايَة الغايات ومصلحة الْمصَالح وحِكمة الحِكم وَغَايَة مَا تسمو إِلَيْهِ الهمم، وأسمى الْمَقَاصِد وأنبلها عِنْد أولي الْأَلْبَاب.

كَمَا أَن لَهَا حكما وأسراراً أُخْرَى لَا يُدْرِكهَا الْعقل الإنساني الْقَاصِر لِأَن لِلْعَقْلِ حدا يَنْتَهِي إِلَيْهِ - كَمَا قَالَ الشَّافِعِي - رَحمَه الله - وَمن يُحِيط بِعلم الله وحكمته؟ {وَلا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلَاّ بِمَا شَاءَ} ٢ وَقَالَ تَعَالَى: {وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَاّ قَلِيلاً} ٣.

نخلص من هَذَا إِلَى أَن أَحْكَام الشَّرِيعَة كلهَا معللة - فِي الْجُمْلَة - وَأَن لَهَا غايات نبيلة وَحكما جليلة قَالَ ابْن الْقيم: "لَيْسَ فِي الشَّرِيعَة حكم إِلَّا وَله حِكْمَة وَإِن لم يَعْقِلهَا كثير من النَّاس أَو أَكْثَرهم"٤.

وَنَصّ الْآمِدِيّ٥ على أَنه لَا يجوز القَوْل بِوُجُود حكم إِلَّا لعِلَّة: "إِذْ هُوَ خلاف إِجْمَاع الْفُقَهَاء على أَن الحكم لَا يَخْلُو من عِلّة"٦.

وَقَالَ ابْن الْحَاجِب٧: " ... فَإِن الْأَحْكَام شرعت لمصَالح الْعباد بِدَلِيل إِجْمَاع الْأمة"٨.


١ - سُورَة الْأَنْعَام آيَة ١٢٢.
٢ - سُورَة الْبَقَرَة آيَة ٢٢٥.
٣ - سُورَة الْإِسْرَاء آيَة ٨٥.
٤ - زَاد الْمعَاد ٥ / ٦٦٥.
٥ - سيف الدّين عَليّ بن أبي عَليّ التغلبي أصولي مُتَكَلم مناظر (ت ٦٣١?) وترجمته فِي وفيات الْأَعْيَان ٢/٤٥٥ والأعلام ٥/١٥٣.
٦ - الْأَحْكَام ٣ / ٣٨٠.
٧ - أَبُو عَمْرو عُثْمَان بن أبي بكر الإسكندري، أصولي مُتَكَلم فَقِيه (ت ٦٤٦?) وترجمته فِي شَجَرَة النُّور الزكية ص ١٦٧.
٨ - مُنْتَهى الْوُصُول والأمل فِي علمي الْأُصُول والجدل ص ١٨٤ نقلا عَن نظرية الْمَقَاصِد ص ٢٢٦.

<<  <   >  >>