وَيَقُول ابْن إِسْحَاق: فَلَمَّا بادى رَسُول الله - صلى الله عَلَيْهِ وَسلم - قومه بِالْإِسْلَامِ، وصدع بِهِ كَمَا أمره الله، لم يبعد مِنْهُ قومه، وَلم يردوا عَلَيْهِ - فِيمَا بَلغنِي - حَتَّى ذكر آلِهَتهم وعابها، فَلَمَّا فعل ذَلِك أعظموه وناكروه وَأَجْمعُوا خِلَافه وعداوته.
وَمن هَذَا نعلم أَن الرَّسُول بنى قبل أَن يهدم، ودعا إِلَى الْإِسْلَام قبل أَن يُنَادي بنبذ الْأَصْنَام، وَتلك هِيَ الخطة المثلى للدعاة والحيدة عَنْهَا إغراق فِي متاهة لَا يعلم عَاقبَتهَا إِلَّا الله وَحده.
وعَلى الدعاة وهم يبنون أَن يوطنوا أنفسهم على الصمود للعقبات والثبات أَمَام الصعوبات، حَتَّى يجتازوا المحن، ويتغلبوا على الْفِتَن، وَتَكون الْعَاقِبَة بِمَشِيئَة الله - عز وَجل - لَهُم، وسأذكر هُنَا أهم العقبات ليعْمَل الدعاة جاهدين على تذليلها.