يكون في سبيل الله إلا من كان سبب قتاله طلب إعلاء كلمة الله فقط، بمعنى أن لو أضاف إلى ذلك سببا من الأسباب المذكورة أخل بذلك، ويحتمل أن لا يخل إذا حصل ضمنا لا أصلا ومقصودا وبذلك صرح الطبري فقال: إذا كان أصل الباعث هو الأول لا يضره ما عرض له بعد ذلك وبذلك قال الجمهور لكن روى أبو داود والنسائي من حديث أبى أمامة بإسناد جيد قال: جاء رجل فقال يا رسول الله أرأيت رجلا غزا يلتمس الأجر والذكر ما له؟ قال: لا شيء له فأعادها ثلاثا كل ذلك يقول: لا شيء له. ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"إن الله لا يقبل من العمل إلا ما كان له خالصا وابتغى به وجهه"، ويمكن أن يحمل هذا على من قصد الأمرين معا على حد واحد فلا يخالف المرجح أولا فتصير المراتب خمسا أن يقصد الشيئين معا أو يقصد أحدهما صرفا أو يقصد أحدهما ويحصل الآخر ضمنا فالمحذور أن يقصد غير الإعلاء فقد يحصل الإعلاء ضمنا وقد لا يحصل ويدخل تحته مرتبتان وهذا ما دل عليه حديث أبى موسى ودونه أن يقصد هما معا فهو محذور أيضا على ما دل عليه حديث أبى أمامة والمطلوب أن يقصد الإعلاء صرفا، وقد يحصل غير الإعلاء وقد لا يحصل ففيه مرتبتان أيضا قال ابن آبى جمرة: ذهب المحققون إلى أنه إذا كان الباعث الأول قصد إعلاء كلمة الله لم يضره ما انضاف إليه انتهى، ويدل على أن دخول غير الإعلاء ضمنا لا يقدح في الإعلاء إذا كان الإعلاء هو الباعث الأصلي ما رواه أبو داود بإسناد حسن عن عبد الله بن حوالة قال بعثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم على أقدامنا لنغنم فرجعنا ولم نغنم شيئا فقال:"اللهم لا تكلهم إلى"، الحديث.
٤- (كلمة الله) في هذا الحديث بينها رسول الله صلى الله عليه وسلم في قوله: "أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة فإذا فعلوا ذلك عصموا منى دماءهم وأموالهم إلا بحق الإسلام وحسابهم على الله"، وهو من إطلاق الكلمة مرادا بها الكلام ومنه قوله تعالى:{قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلاّ نَعْبُدَ إِلاّ اللَّهَ وَلا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئاً} الآية.