حجر: وصفهما بالخفة والثقل لبيان قلة العمل وكثرة الثواب.
٥- قوله:"ثقيلتان في الميزان" هو من نصوص الوعد التي يعول عليها المرجئة معرضين عن نصوص الوعيد، ويقابلهم الخوارج والمعتزلة الذين يغلبون نصوص الوعيد ويغفلون عن نصوص الوعد، ومذهب أهل السنة والجماعة وسط بين الطرفين المتناقضين، طرف الإفراط وطرف التفريط، فهم يأخذون بنصوص الوعد والوعيد معا، يجمعون بين الخوف والرجاء، ولا يقولون كما تقول المرجئة: إنه لا يضر مع الإيمان ذنب كما لا ينفع مع الكفر طاعة، ولا يقولون كما تقول الخوارج والمعتزلة بخروج مرتكب الكبيرة من الإيمان في الدنيا وخلوده في النار في الآخرة وإنما يرون أن العاصي مؤمن بإيمانه فاسق بكبيرته فليس عندهم من أهل الإيمان المطلق (الكامل) ولا يمنعونه مطلق الاسم، بل هو مؤمن ناقص الإيمان، هذا حكمه عندهم في الدنيا، أما في الآخرة فكل ذنب دون الشرك فأمر صاحبه إلى الله إن شاء عفا عنه وأدخله الجنة من أول وهلة، وإن شاء عذبه في النار عقوبة لجريمته ثم يخرجه منها ويدخله الجنة، فماله إلى الجنة ولابد، ولهذا يجمع الله بين الترغيب والترهيب في كتابه العزيز فيقول {نَبِّئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ وَأَنَّ عَذَابِي هُوَ الْعَذَابُ الأَلِيمُ} ويقول {إِنَّ رَبَّكَ سَرِيعُ الْعِقَابِ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ} ويقول {اعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ وَأَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} يرشد بذلك عباده إلى أن يخافوه ويرجوه، فلا يأمنون مكر الله لرجائهم المجرد عن الخوف، ولا يقنطون من رحمته لخوفهم المجرد عن الرجاء، بل كما قال الله تعالى عن أوليائه {إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَباً وَرَهَباً وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ} وقال تعالى {وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ}
وقد نقل الحافظ ابن حجر في شرحه لهذا الحديث عن ابن بطال أنه قال: هذه الفضائل الواردة في فضل الذكر إنما هي لأهل الشرف في الدين والكمال كالطهارة من الحزام والمعاصي العظام فلا تظن أن من أدمن الذكر