شَيْءٌ} وصفات الله تعالى كلها يقال في بعضها ما يقال في البعض الآخر دون فرق بين صفة وصفة فكل ما ثبت في الكتاب والسنة من العلم والإرادة والسمع والبصر والكلام والقدرة واليدين والوجه والغضب والرضا والاستواء على العرش وغزير ذلك يجب إثباته له واعتقاده على النهج الواضح الذي بينه الله بقوله:{لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} وكما أن لله ذاتا لا تشبه الذوات فكذا صفاته الثابتة بالكتاب والسنة تثبت على الوجه اللائق بالله دون أن يكون فيها مشابها لخلقه، فإنه يقال في الصفات ما قيل في الذات سواء بسواء، كما أنه يقال في بعض الصفات ما قيل في البعض الآخر سواء بسواء.
وإرادة الله تعالى عند أهل السنة نوعان دل عليهما كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم إحداهما بمعنى المشيئة الكونية القدرية. والثانية الإرادة الدينية الشرعية، والفرق بينهما أن الكونية القدرية شاملة لكل شيء لا فرق فيها بين ما يحبه الله وما يبغضه ولابد من وقوع ما تقتضيه وأما الدينية الشرعية فهي خاصة فيما يحبه الله ويرضاه ولا يلزم وقوع ذلك، فالله تعالى أراد من الإنس والجن شرعا ودينا أن يعبدوه وحده وذلك محبوب إليه ولذلك أنزل الكتب وأرسل الرسل وأراد كونا وقدرا في بعض عباده الخير فاجتمع لهم الأمران الكوني والشرعي، وأراد في البعض الآخر غير ذلك فوقعت في حقه الكونية دون الدينية الشرعية فالذي أراده كونا وقدراً: أن يكون الناس فريقين فريقا في الجنة وفريقاً في السعير، ولابد من وقوع ذلك، ولو شاء غير ذلك لوقع، كما قال الله تعالى {قُلْ فَلِلَّهِ الْحُجَّةُ الْبَالِغَةُ فَلَوْ شَاءَ لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ} . وقال {وَلَوْ شِئْنَا لَآتَيْنَا كُلَّ نَفْسٍ هُدَاهَا وَلَكِنْ حَقَّ الْقَوْلُ مِنِّي لأَمْلأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ} أما بيان الحق والدعوة إليه فهو حاصل للكل، قال تعالى:{أَلَمْ نَجْعَلْ لَهُ عَيْنَيْنِ وَلِسَاناً وَشَفَتَيْنِ وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ} وقال تعالى: {وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى دَارِ السَّلامِ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} فحذف مفعول الفعل (يدعو) إشارة إلى العموم فيه والشمول، وأظهر مفعول الفعل (يهدى) . المفيد الخصوص، فالدعوة إلى الحق عامة للجميع والهداية خاصة فيمن وفقه الله.