للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وهو من العلل التي لا دواء لها، وما رأيت بازياً قط خلص منها ولا سمع به، ولقد عالجناه منها فبريء ونحن نذكر الدواء.

فمن نظر في كتابنا هذا وعالج به السل فنفعه علم أنه قد أتفق لنا دواء صحيح غريب. وكان على ثقة منه، وإن لم ينفع فغير منكر أن يكون البرء في ذلك البازي، أتفق لنا لا على أنه دواء له في الحقيقة، لأنا لم نجربه في غيره، ولم يجز لنا كتمانه، فذكرناه لا تفاق السلامة به، واعتذرنا لأنا لم نرجع منه إلى ثقة بطول التجربة.

وأعلم أن أهل العراق لم يقدموا البازي حتى خبروه، فلذلك قدموه في كتبهم وهو أهل لذلك لحسنه، ولما يحدث من فراهته عندهم في العراق، وهي عندنا أقل فراهة منها عندهم.

وقد ذكرنا ما رأيناه من الفره وصدفنا عنها. ولم يبق شيء من الجوارح كلها كبيرها وصغيرها حتى لعبنا به. ولم نضع هذا الكتاب إلا بعد الاختبار لسائرها والمشاهدة لها، فنحن نرجع منه إلى ثقة، وكذلك الناظر فيه يرجع إلى ثقة فيما يلتمسه من أول أحوال الجارح في توحشه، إلى حال أنسه وفراهته، ولم نقتصر على ما ذكره من تقدمنا حتى زدنا عليه أشياء لم ينته إليها علمه ولا تجربته.

وقُصارى من جاء بعدنا أن يقف حيث وقفنا متى أتفق له من ممارسة الجوارح ما اتفق لنا بمولانا صلى الله عليه في مثل المدة الطويلة التي ذكرناها، وبعيد أن يتفق لمن يكون بعدنا ذلك، وحتى تخرجه الدربة والممارسة إلى ما أخرجتنا إليه حتى إنا نخير من طاعمنا (؟) ونعطيه من عدّة بزاة افرهها ونأخذ الأدون منها، فنلحقهم في صيدهم بالأدون، وأن سبقونا في خيارهم للأفضل الأفره.

ولقد بلغنا في صيد البازي خبر عجيب لم نسمع بمثله، وذلك أن مسلماً دخل إلى بلد الروم، فسمع من الروم رجلاً يدعو البازي، وأنه وقف لينظر ما يصيده، فخرج إليه بازي كبير فأخذه وذبحه، ثم أنه دعا

<<  <   >  >>