للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فخرج إليه آخر أحسن من الأول فذبحه، قال المسلم: فصعب ذلك من فعله علّي، وجعلت على نفسي أن أقتله أن ظفرت به، بعد أن اسأله عما أوجب ذبح البازيين، قال: ثم أن الرومي دعا له بازي دقيق الشية دون الأولين في الكبر والحسن، فأخذه وسُرّ وغَنى ورقص، وأخرج إداوة مملوءة نبيذاً قال: فشرب حتى نام سكراً فأوثقت كتافه فأستيقظ وقال لي بلسانه، وكنت أعرف الرومية، بحق نبيك لا تقتلني، فقلت: أمش وإلا قتلتك، فمشى معي مكتوفاً وأخذت شباكه وآلة صيده. فلما وصلت به إلى منزلي قلت حدثني لم ذبحت البازيين؟ فقال: أحدثك بعد أن تحلف لي بنبيك إلا تقتلني، وأن تطلقني، فلما توثق مني باليمين، قال: حملني على ذبح البازيين أنهما لم يكونا خالصين، وكان قد ضرب فيهما الصرر (؟) وهذا البازي اللطيف خالص وهو يصيد الكركي. فقلت أرني كيف يصيده فقال: نعم، وعزم إلا يخيطه، فلم أفعل شفقة عليه، فبعد أن مضت له جمعة شَرقَه فهو على يده إذ رأى كراكي طائرة فواثبها، ثم أنه بعد ذلك فتحه وقال: سر لترى منه ما وعدتك من صيده، فخرجت معه فرأى الكراكي، فأرسله عليها، فدخل فصاد منها واحداً، ثم قال لي: هذا هو الخالص من البزاة فأعبقته. وهذا حسن إن كان صحيحاً لأنني لم أره بل حُدّثت به بمحضر من جماعة فاستحسنته وأثبته في كتابي هذا، ومن أسند فقد برئ من عهدة الحكاية.

<<  <   >  >>