للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بشيء من ذلك وإنه لم يكن له غذاء إلا اللحم الحار والدم، وقد رأينا من غذّى بازيه، واستعمل في علاجه ما وجده في الكتب الموضوعة التي أكثرُ ما ضُمّنته على غير أصل وبغير تجربة، فلم يكن لبازيه بقاءٌ وكيف يكون لجارح يُطعم البنج والخربق بقاء، وهما سان قاتلان، ويخلطان مع غيرهما من العقاقير الحادة الحارة فتحرق أكباد الإبل فضلاً عن أكباد الجوارح، وذلك موجود في الكتب المحتفظ بها في خزائن الملوك، فلا تُطعم بازيك في قرنصته وغيرها سوى لحم ما وصفناه لك أو لحم ما يصيده مما يجوز أن تطعمه إياه، ونحن نذكر ما يجنَّبه من لحوم صيده إذا انتهينا إليه.

وإذا رأيت بازيك قد ألقى بعض ريشه الصغار، وطلع شيء من ذنبه، فأحسن إليه بما ذكرنا لك، وتعاهده بالأدهان، واجعل في طعمه دهن الخروع في الاحايين، أو دهن الشهدانج فأنه مع دسومته شديد الحرارة، وإذا أكل منه ألقي ريشه سريعاً إن شاء الله، ولا تكثر عليه من الادهان فتبشمه وتؤذيه ويملها، وليكن ذلك بقدر، وشحومُ ما تطعمه لحمه من المخاليف النواهض، والعصافير البقلية أحفظ لجوفه، وأنفع له وأحمد عاقبة، فتعاهده بها، ولا تكثر عليه منها فتثقله، وكلما وجدت ريشاً من بدنه حواليه، فأرم به ولا تدعه عنده، ليِبَيِن لك ما يلقيه كل يوم فإذا تمّ ريشه وذنبه وجناحه وأردت حمله، فأنقصه قبل ذلك بأيام، ليمكنك حمله ويذوب بعض شحمه، وليكن حملك له في زيادة الشهر، وكن عليه أشد حذراً، وأكثر توقياً، منك في حال توحشه، لأن الوحشي تصيده، وهو كالفرس المصنوع، يطير كل يوم ويتعب نفسه ويصيد ما يأكله فلست تخشى من اضطرابه على يدك علة تحدث له، وهذا تحمله من كندرته

<<  <   >  >>