بالقبول في أسرع زمان. وإن كان الحيوان غليظاً عكست هذه الأسباب طبعه، ونفت ضرره، وقمعت كيموسه، وربما أُكل اللطيف الخفيف على تعنف وتكره، فكان إلى أن يأخذ من الأعضاء أقرب من أن تأخذ منه الأعضاء، وتأول الرواة معنى امرئ القيس في قوله:
ربّ رامٍ من بني ثُعَلٍ ... مخرجٍ كفيَّه من ستره
فأتته الوحش واردةً ... فتمتَّى النزعَ من يسره
فرماها في فرائصها ... من إزاء الحوض أو عقره
مطعَمٌ للصيد ليس له ... غيرها كسبٌ على كبره
على المدح بادمان الصيد، ويمن الطائر فيه، واستثناؤه بقوله على كبره زائد عندهم في المدح لوصفه أنه يتكلف من ذلك مع قدح السن وأخذها منه شيئاً لا يعجزه مع هذه الحال، ولا يلحقه فيها ما يعرض للمسن من الفتور والكلال، وبنو ثعل بنو عمه لأنهم فخذ من طيء، وكندة فخذ من مُرة، ومرة أخو طيء، فلم يرد غير المدح. وهذا الرامي عمرو الثعلي، وكان من أرمى الناس وفيه قيل:
ليت الغراب رمى حمامة قلبه ... عمرو بأسهمه التي لم تلغب
وفي أبيات امرئ القيس هذه أدب من أدب الصيد ولطائف حيله، وهو قوله: فتمتى النزع من يسره، وتمتى وتمطى واحد، أبدلت التاء من الطاء وفي تمتى معنيان: أحدهما الاعتماد والتوسط من قولهم حصلته في متي كمى فتمتاه بمعنى تعمد متاه، والآخر بمعنى إبدال التاء من الطاء يريد التمطي، وهو