أ- إن (من أهم أنواع العلوم: تحقيق معرفة الأحاديث النبويات ...، ومعرفة علم الأسانيد ...، ومعرفة حكم اختلاف الرواة في الأسانيد والمتون ...، ومعرفة الصحابة والتابعين وأتباعهم ...)(١)
هذا العلم العظيم - أعني علم مصطلح الحديث؛ بمسائله المذكور طرف منها- يُعنى بمعالجة طريقة للتعلم؛ هي غاية في الأهمية، يأتي منشأ بنائها على الكيفية التي يحصل بها العلم للإنسان، التي إما أن تكون مباشرة أو بواسطة.
ولقد قال الله جل ذكره:{وَاللَّهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لا تَعْلَمُونَ شَيْئاً وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ}[النحل: ٧٨]
فقد هيأ سبحانه وتعالى- في هذا البشر الذي خلقه سويا - أدوات التعلم ووسائل التلقي؛ لكي يعلم ويعقل ويتدبر المدركات، ويميز بين الأشياء.
ولئن كان الحصول على العلم بالأسماع والأبصار عن طريق إدراك الوقائع بالحواس؛ بإدراك مباشر لها في حين وقوعها، وهو أحد طريقي العلم بها، فإن الطريق الثاني هو إدراكها بطريق غير مباشر، وهو طريق الخبر، وهو أوسعُ دائرةً وأرحبُ مجالاً، وهو منفصل عن وقوعها بفاصل زمني أو فاصل مكاني، أو بالفاصلين كليهما.
ب - ومن هنا وجدنا علماء الحديث -رحمهم الله - يُعْنَوْنَ في علم مصطلح الحديث بقضية (الخبر) عناية فائقة، كي يُحافظوا عن طريق ذلك على الميراث النبوي العظيم الذي تتناقله الأجيال المُتعاقبة، فتكون سنة رسول الله
(١) تلخيص من كلام الإمام النووي رحمه الله في خطبة مقدمته لشرح صحيح مسلم ١/٣.