للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

الفصل الأول: المنهج المُبتكر في (نخبة الفكر)

كان علم (مصطلح الحديث) -كما هو مُقرّر في مُقدّمات كتبه - لم يأخذ في أوّل أمره طابع العلم المُستقلّ؛ المُدوّنة مسائله على حدة، بل كانت مسائله منثورة في كتب الحديث، ومذكورة في بعض مقدماتها، ومبثوثة في كتب العلوم الأخرى. (١)

إلى أن شاء الله له أن يلبس ثوب الشخصية المُستقلّة، التي ذكروا من أوائل من صنعها: القاضي أبا محمد الرامهرمزي؛ رحمه الله تعالى.

وكان الرامهرمزي رائدا في هذا المضمار، وتلاه من تلاه من المحدثين؛ الذين كانوا لا يزالون يتتبّعون المسائل، ويُدوّنون ما يقفون عليه منها، ويُودعونها مُؤلّفات لهم تفاوتت طولا وقِصرا، ومنهم الخطيب البغدادي الذي أوسع مسائله سبرا وجمعا، وتتبُّعا وتحريرا، حتى جاء الله على يديه بالخير الكثير، ونفع بعلمه من جاء بعده بنفع كبير.

أما الرامهرمزي الأوّل، فإنه وإن كان ما طوّل، إلا أنّ رِيادته في هذا المجال تجعل عذره واضحا، ويكفيه شرفُ شقِّ طريقٍ لم يُسلَك قبله، وتمهيدُ مسالِكِهِ لمن يأتي من بعده.


(١) انظر: تقديم الشيخ محمد عبد الرزاق حمزة لاختصار علوم الحديث؛ لابن كثير، مع شرحه الباعث الحثيث، للشيخ أحمد محمد شاكر؛ رحمهم الله جميعا ص (٩) ، والوسيط للشيخ الدكتور/محمد محمد أبو شهبة - رحمه الله- ص (٢٨-٣٢) ، ولمحات في أصول الحديث للدكتور/محمد أديب الصالح ص (١٨-٢٣) ، وما كتبه د. مصطفى الخن في مقدمة تحقيقه لتقريب النواوي الذي سمّاه المنهل الراوي ص (٢٢-٢٥) .

<<  <   >  >>