للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

٣- إِذا طلعت الشَّمْس من مغْرِبهَا، قَالَ الله تَعَالَى: {يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ لَا يَنْفَعُ نَفْساً إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْراً} ١. وَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: "من تَابَ من قبل أَن تطلع الشَّمْس من مغْرِبهَا تَابَ الله عَلَيْهِ " رَوَاهُ مُسلم من حَدِيث أبي هُرَيْرَة ٢.

وَهَذِه صَلَاة تشرع فِي جَمِيع الْأَوْقَات بِمَا فِي ذَلِك أَوْقَات النَّهْي، لِأَنَّهَا من ذَوَات الْأَسْبَاب الَّتِي تشرع عِنْد وجود سَببهَا ٣.

قَالَ شيخ الْإِسْلَام ابْن تَيْمِية: "ذَوَات الْأَسْبَاب كلهَا تفوت إِذا أخرت عَن وَقت النَّهْي، مثل سُجُود التِّلَاوَة، وتحية الْمَسْجِد، وَصَلَاة الْكُسُوف، وَمثل الصَّلَاة عقب الطَّهَارَة، كَمَا فِي حَدِيث بِلَال، وَكَذَلِكَ صَلَاة الاستخارة، إِذا كَانَ الَّذِي يستخير لَهُ يفوت إِذا أخرت الصَّلَاة، وَكَذَلِكَ صَلَاة التَّوْبَة، فَإِذا أذْنب فالتوبة وَاجِبَة على الْفَوْر، وَهُوَ مَنْدُوب إِلَى أَن يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ، ثمَّ يَتُوب، كَمَا فِي حَدِيث أبي بكر الصّديق"٤.


١ سُورَة الْأَنْعَام: (١٥٨) .
وروى البُخَارِيّ فِي كتاب الرقَاق (فتح الْبَارِي ١١/٣٥٢) ، حَدِيث (٥٦٠٦) ، وَمُسلم فِي الإِيمان بَاب بَيَان الزَّمن الَّذِي لَا يقبل فِيهِ الْإِيمَان ١/١٣٧، حَدِيث (١٥٧) عَن أبي هُرَيْرَة- رَضِي الله عَنهُ- قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: "لَا تقوم السَّاعَة حَتَّى تطلع الشَّمْس من مغْرِبهَا، فَإِذا طلعت من مغْرِبهَا آمن النَّاس كلهم أَجْمَعُونَ، فَيَوْمئِذٍ لَا ينفع نفسا إيمَانهَا لم تكن آمَنت من قبل، أَو كسبت فِي إيمَانهَا خيرا ".
٢ صَحِيح مُسلم كتاب الذّكر وَالدُّعَاء وَالتَّوْبَة وَالِاسْتِغْفَار بَاب اسْتِحْبَاب الاسْتِغْفَار والاستكثار مِنْهُ ٤/٢٠٧٦، حَدِيث ٢٠٧٣.
٣ وَقد ذكرت أَقْوَال أهل الْعلم فِي حكم أَدَاء الصَّلَاة ذَات السَّبَب فِي وَقت النَّهْي فِي بحث مُسْتَقل بعنوان "حكم أَدَاء الصَّلَوَات فَوَات الْأَسْبَاب فِي أَوْقَات النَّهْي" وَقد ظهر لي بعد استعراض أَدِلَّة الْأَقْوَال فِي هَذِه الْمَسْأَلَة وَمَا ورد على بَعْضهَا من مناقشة أَن الصَّحِيح جَوَاز أَدَاء الصَّلَاة ذَات السَّبَب فِي وَقت النَّهْي إِذا وجد سَببهَا فِيهِ.
٤ مَجْمُوع فَتَاوَى ابْن تَيْمِية ٢٣/٢١٥.

<<  <   >  >>