محمد قاسم بن محمد وأبي عمر أحمد بن خالد الجباب، قال أبو علي: وأنا أقول - إن شاء الله -: إن أبا عمر لم يكن بدونهما، ولا متخلفا عنهما، قال أبو علي: وأبو عمر شيخنا. . . ودأب أبو عمر في طلب العلم، وافتن فيه، وبرع براعة فاق بها من تقدمه من رجال الأندلس، وألف في الموطأ كتبا مفيدة. . .
وكان موفقا في التأليف معانا عليه ونفع الله بتآليفه، وكان مع تقدمه في علم الأثر وبصره بالفقه ومعاني الحديث، له بسطة كبيرة في علم النسب والخبر.
وقال أبو علي الحسين بن محمد الصّدفي المعروف بابن سكّرة: سمعت القاضي الإمام أبا الوليد الباجي يقول: لم يكن بالأندلس مثل أبي عمر بن عبد البر في الحديث. وقال ابن بشكوال: إمام عصره، وواحد دهره. وقال الذهبي: الإمام العلامة، حافظ المغرب، شيخ الإسلام. . . صاحب التصانيف الفائقة. . . وأدرك الكبار، وطال عمره، وعلا سنده، وتكاثر عليه الطلبة، وجمع وصنّف، ووثّق وضعّف، وسارت بتصانيفه الركبان، وخضع لعلمه علماء الزمان. . . كان إماما ديّنا ثقة متقنا علامة متبحرا، صاحب سنة واتباع، وكان أولا أثريا ظاهريا فيما قيل، ثم تحول مالكيا مع ميل بيّن إلى فقه الشافعي في مسائل، ولا ينكر له ذلك - فإنه ممن بلغ رتبة الأئمة المجتهدين، ومن نظر في مصنفاته بان له منزلته من سعة العلم وقوة الفهم وسيلان الذهن.
ولد لخمس بقين من ربيع الآخر - وقيل: في جمادى الأولى - سنة ثمان وستين وثلاث مئة.
وتوفي بشاطبة سلخ ربيع الآخر سنة ثلاث وستين وأربع مئة، وله خمس وتسعون سنة.