في اختصار المدونة (١)، وكتاب اختلاف الموطآت، وكتاب إحكام الفصول في أحكام الأصول، وكتاب فرق الفقهاء، وغيرها الكثير.
قال القاضي عياض: ولم يكن بالأندلس قط أتقن منه للمذهب، وبلغني أن أبا محمد بن حزم الظاهري - على بعد ما بينهما - كان يقول: لم يكن للمالكية بعد عبد الوهاب مثل أبي الوليد. . . كان أبو الوليد رحمه الله فقيها، نظارا، محققا، راوية، محدثا، يفهم صنعة الحديث ورجاله، متكلما، أصوليا، فصيحا، شاعرا مطبوعا، حسن التأليف، معين المعارف، له في هذه الأنواع تصانيف مشهورة جليلة، ولكن أبلغ ما كان فيها في الفقه وإتقانه على طريق النظار من البغداديين وحذاق القرويين، والقيام بالمعنى والتأويل، وكان وقورا بهيا مهيبا جيد القريحة حسن الشارة، والذي ذكره الأمير أبو نصر بن ماكولا في إكماله فقال: هو من باجة الأندلس، متكلم فقيه أديب شاعر، رحل إلى المشرق. . . ورجع إلى الأندلس فروى ودرّس وألف، وكان جليلا رفيع القدر والخطر. . . وسألت عنه شيخنا قاضي قضاة الشرق أبا علي الصّدفي الحافظ صاحبه؟ فقال لي: هو أحد أئمة المسلمين، لا يسأل عن مثله، ما رأيت مثله. . . وبيته بيت علم ونباهة.
وقال الجيّاني: وكان مقامه بالمشرق نحو ثلاثة عشر عاما، وجل قدره بالمشرق والأندلس، وسمع منه بالمشرق، وحاز الرئاسة بالأندلس، فأخذ عنه بها علم كثير، وسمع منه جماعة وتفقه عليه خلق.
ولد في ذي القعدة سنة ثلاث وأربع مئة.
(١) قال القاضي عياض في ترتيب المدارك ٨/ ١٢٤: «وهو اختصار حسن». وقد قال أيضا فيه ٨/ ١٢٥ عقب ذكره لجملة من تآليفه: «وتآليفه كثيرة مفيدة».