للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[التمهيد لشرح كتاب التوحيد]

وعن عبد الله بن عكيم مرفوعا: «من تعلق شيئا وُكِلَ إليه» (١) (شيئا) - هنا - نكرة في سياق الشرط فتعم جميع الأشياء فكل من علّق شيئا وُكِلَ إليه فمن أخرج صورة من صور التعليق عن هذا العموم كانت الحجة عليه؛ لأن هذا الدليل عام، ويفيد أن من تعلق أي شيء من الأشياء فإنه يُوكل إليه، والعبد إنما يكون عزه، ويكون فلاحه، ونجاحه، وحسن قصده، وحسن عمله في تعلقه بالله وحده، فيتعلق بالله وحده في أعماله، وفي أقواله، وفي مستقبله، وفي دفع المضار عنه، فيكون أنس قلبه بالله، وسروره بالله، وتعلقه بالله، وتفويض أمره إلى الله، وتوكله على الله جل وعلا فمن كان كذلك وتوكل على الله، وطرد الخلق من قلبه: فإنه لو كادته السماوات والأرض لجعل الله - جل وعلا - له من بينها مخرجا؛ لأنه توكل وفوض أمره على العظيم - جل جلاله وتقدست أسماؤه -، فقال هنا: «من تعلّق شيئا وُكِلَ إليه» فإذا تعلق العبد تميمة وكل إليها، فما ظنك بمن وكل إلى خرقه، أو إلى خرز، أو إلى حدوة حصان، أو إلى شكل حيوان، ونحو ذلك، لا شك أن خسارته أعظم الخسارة.

ووجه الاستدلال هنا في قوله: «من تعلق شيئا» أنه ذكر نتيجة التعلق وهو أنه يوكل إلى ذلك الشيء الذي تعلقه، فمن تعلق شيئا وكل إليه، وإذا وكل إليه فمعنى ذلك أنه خسر في ذلك الخسران المبين.


(١) تقدم.

<<  <   >  >>