فهذه مقدمات، وتعريفات، وتنبيهات، جعلتها بين يدي هذا الشرح لأهميتها، ولمسيس الحاجة إليها. والله أعلم.
قال إمام هذه الدعوة - رحمه الله -: (كتاب التوحيد)(وقول الله تعالى) . (قول) هذه الكلمة- كما في صحيح البخاري - إما أن تنطقها على العطف، فتقول: كتاب التوحيدِ، وقولِ الله، يعني: وكتاب قول الله، أو تنطقها على الاستئناف، فتقول: وقولُ الله تعالى.
قال:(وقول الله تعالى: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ}[الذاريات: ٥٦][الذاريات: ٥٦] ) هذه الآية فيها بيان التوحيد، ووجه ذلك: أن السلف فسروا قوله تعالى: {إِلَّا لِيَعْبُدُونِ}[الذاريات: ٥٦] بمعنى: إلا ليوحدون (١) ودليل هذا الفهم: أن الرسل إنما بعثت لأجل التوحيد، أعني: توحيد العبادة، فقوله:{إِلَّا لِيَعْبُدُونِ}[الذاريات: ٥٦] يعني: إلا ليوحدون.
قوله:{وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ}[الذاريات: ٥٦] هذه الآية فيها حصر؛ لأن من المعلوم أن (ما) النافية مع (إلا) تفيد الحصر والقصر، فيكون معنى الكلام- على هذا-: أني خلقت الجن والأنس لغاية واحدة هي العبادة دون ما سواها. ففيه قصر علة الخلق على العبادة.