والرسل، والأنبياء، والصالحين، والأشجار، والأحجار، وغير ذلك من معبوداتهم.
لكن هل مقصوده بقوله:" باب من الشرك الاستعاذة بغير الله " شمول هذا الحكم على فاعله بالشرك، لكل أنواع الاستعاذة، ولو كان فيما يقدر عليه المخلوق؟ والجواب: أن هذا فيه تفصيل، فمن العلماء من يقول: الاستعاذة توجه القلب، واعتصامه، والتجاؤه، ورغبه، وهذه المعاني جميعا لا تصلح إلا لله - جل وعلا -.
وقال آخرون: قد جاءت أدلة بأنه يستعاذ بالمخلوق فيما يقدر عليه؛ لأن حقيقة الاستعاذة: طلب انكفاف الشر، وطلب العياذ، وهو: أن يستعيذ من شر أحدق به، وإذا كان كذلك: فقد يملك المخلوق شيئا من ذلك، وعلى هذا فتكون الاستعاذة بغير الله شركا أكبر، إذا كان ذلك المخلوق لا يقدر على أن يعيذ، أو طلبت منه الإعاذة فيما لا يقدر عليه إلا الله.
والذي يظهر أن المقام كما سبق فيه تفصيل، وهو: أن الاستعاذة فيها عمل ظاهر، وفيها عمل باطن، فالعمل الظاهر: أن يطلب العوذ، وأن يطلب العياذ، وهو أن يُعصم من هذا الشر، أو أن ينجو من هذا الشر، وفيها أيضا عمل باطن وهو: توجه القلب وسكينته، واضطراره، وحاجته إلى هذا المستعاذ به، واعتصامه بهذا المستعاذ به، وتفويض أمر نجاته إليه.
فإذا كانت الاستعاذة تجمع هذين النوعين فيصح أن يقال: إن الاستعاذة لا تصلح إلا بالله، لأن منها ما هو عمل قلبي كما تقدم وهو بالإجماع لا يصلح التوجه به إلا لله. وإذا قصد بالاستعاذة العمل الظاهر فقط وهو