قال الشيخ - رحمه الله-: وقوله: {وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اُعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ}[النحل: ٣٦][النحل: ٣٦] ، هذه الآية تفسير للآية قبلها، فالآية قبلها فيها بيان معنى العبادة، وفيها بيان الغرض من إيجاد الخلق، وأنه لأجل العبادة التي أرسلت بها الرسل بدليل قوله:{وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اُعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ}[النحل: ٣٦] فالله تعالى ابتعث الرسل بهاتين الكلمتين: اعبدوا الله، واجتنبوا الطاغوت. ففي قوله:{اُعْبُدُوا اللَّهَ}[النحل: ٣٦] إثبات، وفي قوله:{وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ}[النحل: ٣٦] نفي، وهذا هو معنى التوحيد المشتمل على إثبات ونفي، فقوله في الآية {اُعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ}[النحل: ٣٦] يتضمن معنى قول: (لا إله إلا الله) ؛ لأن النفي فيه اجتناب الطاغوت- وهو كل إله عُبِد بالبغي والظلم والعدوان -، والإثبات فيه: إثبات العبادة لله وحده دون ما سواه، ففي قوله:{اُعْبُدُوا اللَّهَ}[النحل: ٣٦] التوحيد المثبت، وفي قوله {وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ}[النحل: ٣٦] نفي الإشراك.
والطاغوت فعلوت من الطغيان، وهو: كل ما جاوز به العبد حده من متبوع، أو معبود، أو مطاع.
قال: وقوله: {وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا}[الإسراء: ٢٣][الإسراء: ٢٣](قضى) - كما فسرها عدد من الصحابة هنا -بمعنى: أمر ووصى.